كواليس المفاوضات السرية بين موريتانيا واليوليزاريو (3)

خاص/اقلام - كان من الجلي أن الهدف الرئيسي المعلن للانقلاب هو وقف الحرب مع الصحراويين، غير أن ما أسماه الملك الحسن الثاني حينها "تخبط حكام نواكشوط" قد منع من تحقيق ذلك الهدف بأقل الخسائر الممكنة. في البداية اعتمد الحكام الجدد ما أسموه "الحل الشامل" الذي يراعي مصالح مختلف الأطراف المتنازعة بما في ذلك المغرب وعينوا لجنة لمفاوضة الصحراويين تشكلت من: عبد القادر كمرا، هيبه ولد همدي، المحجوب ولد بيه.

قبل ذلك كان الزعيم القذافي قد طرح على مائدة النقاش مسألة الوحدة بين موريتانيا والصحراء، على أول وفد يزوره من موريتانيا بعد أسبوع من الانقلاب ضم كلا من الرائد مولاي ولد بوخريص والناشطان في الجناح المدني للانقلاب: المحجوب ولد بيه واحمد الوافي. وأعطى الوفد موافقة موريتانيا المبدئية على الفكرة ودخل في مفاوضات مباشرة مع وفد صحراوي برئاسة محمد عبد العزيز تحت إشراف القذافي وربما من دون إذن مسبق من قيادتهم.

وقبل نهاية سنة 1978، ظهر القائد الفعلي للجناح المدني للانقلاب سيد احمد ولد ابنيجاره في عدة عواصم يحمل ملف المفاوضات مع الصحراويين وقد طور مقترح القذافي القاضي بالوحدة بين الموريتانيين والصحراويين، إلى صيغة تمنح بعض الاعتبار لانشغالات مختلف الأطرف، حيث تشير إلى "الاستغلال المشترك لخيرات الصحراء بين الموريتانيين والصحراويين والمغاربة والجزائريين، منح الجزائر ممرا إلى المحيط الأطلسي، منح المغرب شريطا في شمال الصحراء الغربية، إقامة علاقات مميزة بين الدولة الموريتانية الصحراوية مع المغرب والجزائر". (موريتانيا المعاصرة).

كما كان هناك الموقف الذي يتبناه الرائد جدو ولد السالك والقاضي بأن "الحل المناسب لمشكلة الصحراء في ذلك الوقت هو تشكيل حكومة وحدة وطنية بين موريتانيا والبوليساريو، علي غرار ما حدث في تلك الآونة بين المتمردين في شمال تشاد بقيادة حسين هبري والحكومة المركزية في اتشاد"، معتبرا أن "هذه الحكومة إذا ما شكلت تمتلك نصف الصحراء (تيرس الغربية أو ما يعرف باقليم وادى الذهب) وعليها أن تتفاوض مع المغرب من أجل حل سلمي". طبقا لما نقله الصحفي محمد الحافظ ولد محم في شهادة له تحت عنوان: العاشر يوليو وخط جريدة "الشعب".

وبعد وصول المقدم أحمد ولد بوسيف إلى السلطة في 6 ابريل 1979، بادر بالشراكة مع المقدم كادير إلى إعداد وثيقة سرية حول القضية الصحراوية خلصت إلى أن "السلام لن يكون بأي ثمن ولن يكون إلا شاملا"، غير أن المفارقة تمثلت في أنه في الوقت الذي كانت فيه القيادة الجديدة للبلاد (ولد بوسيف وكادير) تعيد النظر في موقفها من السلام مع الصحراويين، كان وزير خارجية موريتانيا أحمد ولد عبد الله يوقع في طرابلس يوم 19 ابريل على اتفاق مع البوليساريو هو الأغرب من نوعه حيث لا ينص فقط على تسليم "تيرس الغربية" إلى الصحراويين وإنما أيضا على طرد القوات الفرنسية من موريتانيا وعلى إغلاق أجوائها في وجه الطيران العسكري الفرنسيᵎ كما يتعهد بموجبه بتوقيع موريتانيا لاتفاقية سلام مع الصحراويين يوم 26 مايو 1979ᵎ

يتواصل

جمعة, 23/08/2019 - 10:04