موريتانيا و"كورونا"

مثل كل دول العالم تقريبا، "حظيت" موريتانيا بنصيبها من هذا القدر، رغم محدودية عدد الإصابات المؤكدة أو المعلنة في بلدنا، ورغم أن الحكومة الموريتانية والشعب الموريتاني تعاملا مع هذا هذا الضيف الثقيل، بطريقتهما المتاحة، إلا أن الدول الجادة والمجتمعات الذكية تحرص على التقييم وتمحيص المراحل، كلما قطعت خطوة أو أتيحت فرصة محاسبة ذاتية.

فمن جهة الأمر لا يفسد للود قضية، وإن أثار لدى البعض امتعاضا، سواء على الصعيد الرسمي والشعبي، إلا أن التقييم والتمحيص، يفرض نفسه في كل عمل جاد، وتستدعيه طبيعة العمل البشري.

وكل عمل بشري تحكمه ازدواجية الصواب والخطأ.

فعندما حل "كورونا" بموريتانيا، شعر الجميع بالخوف وتلك طبيعة ردة الفعل، عند حلول أي غاز مباغت، لكن بعد دهشة بداية الخطر الوبائي، بدأت تدريجيا الأنظار تتجه للجانب الاحترازي، فذلك ما يستدعيه الدين والعقل.

فالرضا بالقضاء وجوبا لا يعني الاستسلام والتواكل، و ترك أسباب الاحتراز والنجاة، بإذن الله، من هذا الوباء الخطير.

وبدأنا تدريجيا على الأرض نتعايش مع جو الخوف والترقب.

و إن كانت الإصابات محدودة، إلا أن طبيعة الوباء الذي يشبه الحالة النارية، فرض علينا جميعا المزيد من الحذر والاحتياط.

فالحريق عادة يبدأ باشتعال محدود، لفتيل واحد، ثم قد يصبح نارا كبيرة، مع مرور وقت قصير، وذلك هو الوجه و الاحتمال الأخطر أحيانا، من مواجهة "كورونا".

و للأسف ما دام هذا الوباء لم ينحسر نهائيا، فالخطر سيظل دائما محدقا، وخصوصا أن الدول المحيطة بنا، ما زالت تعاني من الوباء بصورة تستدعي منا داخل إطار الوطن، الحزم والحذر الكامل، بكلمة واحدة.

وعلى صعيد التقييم الصريح أو شبه الصريح لتجربتنا مع "كورونا"، في ظل حكم السيد الرئيس، محمد ولد الشيخ الغزواني، أود تسجيل ملاحظات سريعة موجزة، إلى أن تتاح الفرصة لاحقا، لأنه عندما يعني الأمر التقييم والمحاسبة في شأن أمة، فالأمر يفرض الابتعاد عن المجاملة، وإن لم يكن ذلك يعني الجنوح نحو التجريح أو المبالغة، كأن يجعل بعضنا من الحبة قبة.

وبشكل مباشر أقول، ألقى السيد الرئيس خطابا واعدا، في بداية ذلك الجو المشحون، فكان الخطاب هو الآخر مشحونا، بالثبات والتوكل على الله والكشف عن إجراءات ملموسة لمواجهة خطر محتمل.

ورغم نجاح الرئيس الحالي وحكومته تقريبا في الجانب الأمني الاحترازي، بصورة مثيرة للارتياح، رغم بعض النواقص في هذا الصدد الأمني، ورغم كذلك النجاح بصورة متوسطة، مثيرة للتفاؤل، في ما يتعلق بالجانب الصحي، إلا أن جوهر العملية والمتضرر من أجواء الحذر والإغلاق، أي مواطن الموريتاني، الضعيف بوجه خاص، ورغم ما روج له من قمح، بخمسة مليارات وأعلاف ومساعدات غذائية، وما وعد به من مساعدات نقدية لم تطبق على ما يبدو، و بالمحصلة يمكن القول إنه رغم ما حصل من عناية ودعم للشرائح الضعيفة من المجتمع في هذه الظرفية الدقيقة بامتياز، فلم يمنع ذلك من تسجيل شبه فشل فى الشق الاجتماعي ،بالمقارنة مع الوسائل وما هو مطلوب.

وإن تحجج البعض بأن الفرصة لم تفت بعد،و أن عمل مؤسسة "تآزر"، ما زال قيد التحديث، إلا أن ذلك يشبه الحديث عن الطبيب بعد الموت!.

وعلى صعيد العمل الحكومي في هذه الظرفية، وأعني بشكل خاص، لجنة أزمة "كورونا"، فقد شابها الكثير من الصراعات بين القيادات الكبيرة، المشكلة لتلك اللجنة، حيث أن جلبة تنازع الصلاحيات، لقوتها وارتفاع صداها، لم يتمكن المعنيون منها من حبسها داخل الغرف، ولو لا أن حنكة (....) الرئيس  لاستدعى الأمر إقالة البعض، أو تغيير الطاقم الحكومي كله، رغم أن الوضعية الراهنة لا تناسب ذلك إطلاقا.

(...)

سبت, 09/05/2020 - 20:11