ماضي المكتبة الوطنية الموريتانية!

إن وجودي مديرا للمكتبة الوطنية منذ عام 1989 سمح لي - في غياب الوثائق - بمعرفة موجزة عن تاريخ هذه المكتبة المعنية بحفظ وصيانة تراث أرض البيضان أو بلاد شنقيط أو البلاد السائبة.

وكانت المكتبة الوطنية عبارة عن مجموعة من الكتب الفرنسية أساسا والأجنبية والقليل من الكتب العربية، وكان مبناها أيضا تقليديا لا يراعي طبيعتها، واستمر الحال كذلك حتى سنة 1989. وبعدما أنهت الشركة الصينية ترميم مبنى المكتبة الوطنية وتصميم البناية الجديدة عندئذ بدأت المكتبة الوطنية بداية سيرتها الحميدة التي سمت بها من اللاشيء إلى مستوى المكتبات الوطنية ولو مع وجود نواقص.

فرغم أن مديرها الجديد ليس مكتبيا متخصصا (أستاذ في الآداب والعلوم الدينية ) إلا أن همته ووعيه بأهمية وظيفته جعله يبذل كل ما في وسعه حتى يتطلع إلى ما تتطلبه من خبرة وتطوير وإدخال تحسينات، وآل به الأمر إلى المشاركة في العديد من الملتقيات وزيارة أغلب المكتبات الوطنية العربية وبعض المكتبات الوطنية الأجنبية الأخرى وقد نمت لديه بدون شك صورة المكتبة الوطنية، وبدأ منذ ذلك الوقت التحضير لإبراز صورة المكتبة الوطنية في شكل لائق.

فبعد انتهاء أعمال الشركة المكلفة بالترميم، كانت كل الوثائق مركومة فوق بعضها في صالة وسط المكتبة بدون أبسط تمييز أو طريقة للحفظ، وشمر فريق من خمس عمال -بإشراف المدير- عن سواعد الجد والعمل وقاموا بفرز كل هذه الوثائق بعد أن كانت نسيا منسيا، بدأوا فرزها وفق منهجية علمية لا بأس بها حيث جهزوا لها سجلات وأخذوا عن كل وثيقة عنوانها الكامل واسم مؤلفها ومكان طبعها ونشرها واسم ناشرها وتاريخ إصدارها وغير ذلك من العناصر الضرورية لوصف أي وثيقة. 

ثم بعد اكتمال الفرز قاموا بإعداد فهارس بطاقية بالمداخل الأساسية الثلاثة (المؤلف والعنوان والموضوع) وقد تطلب منهم إعداد هذه الفهارس طبعا استدعاء مكتبيين متخصصين، قاموا إلى جانب عملهم الميداني بإعادة تأهيل المكتبة الوطنية بتكوين طاقم المكتبة آنذاك وفقا للمناهج المعمول بها في المكتبات ولا سيما نظيراتها العربية منهم .

وبعد اكتمال أدوات البحث (الفهارس) تم وضع الكتب في رفوف ثلاث قاعات إحداها للمطالعة العامة. وهذه العملية من وظائف المكتبات العامة وليست المكتبات الوطنية، إلا أن قلة المكتبات العامة في بلادنا جعل إدارة المكتبة الوطنية تخصص قاعة للمطالعة العامة في المكتبة الوطنية، و القاعة الثانية التي تم فيها تصفيف الكتب النادرة والمخطوطات والكتب التي تتعلق بموريتانيا، وهي قاعة البحث: وهي مخصصة للباحثين ومستلزمات بحثهم وتقع في منأى عن القاعات الأخرى لكي يجد الباحثون جوا مناسبا لبحثهم قدر الإمكان، ثم قاعة ثالثة للدوريات. وهكذا وضعت المكتبة الوطنية كل ما لديها من وثائق رهن إشارة الباحث ووضعت له الأدوات الضرورية للحصول على أي معلومات يرغب فيها .

ولاشك أن هذه قفزة نوعية إذا ما نظرنا إلى الوضعية التي كانت توجد عليها المكتبة الوطنية .

 

ثالثا: واقع المكتبة الوطنية الموريتانية

 

تقع عند تقاطع الطريق الرابط بين بلدية انواكشوط وسوق العاصمة والطريق الفاصل بين البنك الموريتاني للتجارة الدولية ووزارة التهذيب الوطني على جانبه الممتد إلى طريق الأمل (انواكشوط/النعمة) وهي تقع في منطقة وسط العاصمة وفي مكان تقل فيه الضوضاء وفي متناول كل سكان منطقة انواكشوط إذ لا تبعد كثيرا عن مختلف خطوط شبكة النقل العمومي.

وقد أنشئت المكتبة الوطنية بموجب المرسوم رقم 022-65 الصادر بتاريخ 27 يناير 1965 المتعلق بإنشاء إدارة المكتبات والمنظم للمكتبة الوطنية، ومنذ سنة 1965 تولت الإيداع القانوني الذي كان إلى وقتها من صلاحية إدارة الأرشيفات الوطنية.

و تعمل المكتبة الوطنية من الثامنة صباحا إلى الرابعة بعد الظهر كل الأيام ما عدا يوم الجمعة والسبت.

و يعمل في المكتبة الوطنية فريق عمال يتكون من 44 عاملا منهم 30 ذكورا و 14 إناثا، من بينهم 20 يعملون في المكتبات الفرعية للمكتبة الوطنية في الولايات الداخلية. ومن ضمن هذا الفريق مكتبي متخصص واحد.

ويقسم مبنى المكتبة الوطنية كما يلي:

- المخزن: وهو من صنع وتصميم و إشراف شركة صينية ويتكون من ثلاثة طوابق يمثل كلا منها قسما من المخزن، ويحوي كلا منها 26 رفا موزعة على جانبي الممر (الذي يقابل مدخل المخزن)  بعدد متساو. و يقسم كل رف إلى ستة إدراج  (مستويات) ويبلغ طول الرف حوالي 5 أمتار وارتفاعه مترين وعشرين سنتمترا وعمقه دو جانبين للعرض المزدوج.

و يحوي المخزن حوالي مائتي ألف (200000) وثيقة في مختلف المواضيع. وعند مدخله يوجد مكتب المسؤول عنه و إلى جانبه الأيمن توجد علب الفهارس البطاقية مرتبة فوق بعضها البعض.

وأود هنا أن أنوه بجودة تصميم هذا المخزن ودقة مقاساته وجودة رفوفه وكفاءة إضاءته، إلا أن الرصيد الوثائقي - التي تكاد تكون هي الموجودة - لم يجد العناية اللازمة، حيث يوجد مصفوفا إلى جانب بعضه البعض بدون معالجة من حيث التصنيف والفهرسة، ولا شك أن السبب في ذلك هو عدم وجود طاقم من المكتبيين المتخصصين.

- قاعة البحث: وتوجد في الطابق الثاني من مبنى إدارة المكتبة إلى أقصى يمين الداخل إلى مكتب المدير وتحوي بعض الكتب النادرة وبعض المخطوطات ولا سيما منها ما يتعلق بموريتانيا. وتستوعب هذه القاعة عشرون باحثا.

ولأنها هي قاعة البحث في المكتبة الوطنية لبلادنا يجب أن تلقى من الرعاية والعناية أكثر بكثير مما تجد اليوم، حيث المقاعد والطاولات خشبية بسيطة والهواء والتدفئة والإنارة طبيعية كلها تتقلب حسب التقلبات المناخية.

- قاعة للمطالعة العامة: وتوجد إلى يمين الداخل إلى المكتبة الوطنية في الطابق الأرضي وتحوي 28 رفا خشبيا ينقسم كل واحد منها إلى ستة أدراج مستندة كلها إلى الحائط ، أي أنها ذات وجه واحد للعرض، وتتسع هذه القاعة لأزيد من مائة 100 قارئ في نفس الوقت وتحوي من الكتب أزيد من عشرة آلاف كتاب في مختلف مناحي المعرفة الإنسانية .

و توجد بقاعة المطالعة العامة، على يمين الداخل إليها علب معدنية للفهارس البطاقية مرتبة فوق بعضها البعض. إلا أنها بسبب عدم الرعاية والصيانة والمراجعة، وبسبب عدم المحافظة على الرصيد الذي تشير إليه، أصبحت لا تعبر عن شيء تماما كما لا تعبر فهارس المخزن المذكورة سابقا عن شيء.

- قاعة الدوريات: وتوجد على يسار الداخل مع باب المكتبة الوطنية في الطابق الأرضي و تضم 14 أربعة عشر رفا خشبيا من الحجم الصغير ومن النوع الذي تعرض فيه عناوين وأعداد الدوريات الجارية. ولهذه الرفوف خزانات في الأسفل يتم فيها حفظ الأعداد الأخيرة من الدوريات طيلة ستة أشهر أو طيلة سنة، بينما يعرض آخر عدد في الأعلى حيث يكون بارزا لكل المرتادين. وتتسع قاعة الدوريات الأكثر من خمسين قارئا في نفس الوقت.

و تتبع المكتبة الوطنية طريقة عرض الأعداد الجارية في قاعة الدوريات بينما تحفظ الأعداد والسلاسل القديمة في المخزن. وتستعرض واجهات الرفوف في هذه القاعة قرابة مائة عنوان .

- مكتب المدير

- مكتب السكرتيريا

- مكتب رئيس مصلحة المكتبات

- قسم المخطوطات: ويوجد إلى يسار مكتب المدير وقد أحيل التصرف فيه للمعهد الموريتاني للبحث العلمي ؛

-قسم الميكروفيلم: يلي قسم المخطوطات وقد أحيل التصرف فيه للمعهد الموريتاني للبحث العلمى كسابقه .

ولكن ما بال المكتبة الوطنية تتحمل كل مؤسسة جزءا من المهام المنوطة بها؟ أهي عاجزة؟ أم ليس باستطاعتها أن تدير الموارد المخصصة لمثل هذه المهام التي أوكلت الإدارات أخرى كالمخطوطات والميكروفيلم والإيداع القانوني .... إلخ ؟

قد يكون نشاط قسم ما في جهاز ما محدودا نتيجة لنقص الإمكانيات، ولكن عند ما نريد من هذا القسم أن يؤدي دوره کاملا لابد من سد النواقص وتوفير الإمكانيات اللازمة للعمل. وعندئذ أليس أقل تكلفة أن نوفر هذه الإمكانيات القسم كان موجودا إلا أن إمكانياته لم تكن تسمح له بأداء مهامه، من أن ننشئ هذا القسم من جديد في إدارة أخرى أو نلحق هذا القسم بإدارة غير إدارته الأم، إضافة إلى توفير إمكانيات عمله ؟

ألا يفهم من هذا أن النقص في الجهاز الذي كان القسم يتبع له وليس في القسم في حد ذاته ؟ أليس أهون على القسم أن يبدأ نشاطه في ظل مؤسسته الأصل من أن يبدأ في ظل مؤسسة جديدا ؟ألا تتطلب هذه العملية وقتا وتستهلك جهدا ؟

قد يقول البعض بأن الأمر لا يعدو كونه تحویل الرضيع من ثدي إلى آخر في ضرع أم واحدة هي وزارة الثقافة في موريتانيا. ولهؤلاء أقول، أليس أهون وأسرع رضاعة ذلك الثدي الذي ألفه المولود من الثدي الآخر الذي يرضعه لأول مرة ؟ أليس الأول أقل إجهادا للرضيع، وأكثر انسجاما معه ؟

أو حتى ولو كان الحليب واحدا، إلا أن النسبة التي تصل الجنين متفاوتة لعدة عوامل تتعلق بطبيعة الثدي ومدي تشابهة مع الثدي المألوف سابقا لدى الرضيع، ورغم تشابه اللبن في الأم الواحدة إلا أن تفاوت النسبة التي تصل الرضيع منه تجعل نموه متباينا بين الحالة الأولى والثانية.

و خلاصة القول أن العضو الذي لا يعمل يتلاشى مع مرور الزمن حسب قول الأطباء والمختصين. ومصير المكتبة الوطنية إن استمر الحال على هذا الوجه هو أن تسند جميع مهامها إلى إدارات أخرى وتبقى هي مكبلة السواعد، لكي يصبح مشروعا وجائزا وقتها أن يسأل المرء ما فائدتها وما الغاية منها ؟ وما دام الجواب سلبيا فستكون النتيجة كما توقعها الطبيب وتقضي مباشرة بحل المكتبة الوطنية، وقبل أن تصير الأمور إلى هذا الحد أقول من موقعي: يجب أن تعاد الثقة إلى المكتبة الوطنية في كل ما يتعلق بأمور الثقافة ووسائل التثقيف واكتساب العلم والمعرفة المتعلقة منها بموريتانيا.

-قاعة الإجتماعات: وقد أحيل التصرف فيها للجنة الوطنية المكلفة بصيانة وتثمين التراث الثقافي الموريتاني.

وپرتاد المكتبة الوطنية الموريتانية زهاء 100 قارئ من مختلف الأعمار والمستويات و المشارب الثقافية. وتعتمد الاستفادة من رصيد المكتبة الوطنية على المطالعة الميدانية، إذ لا تخصص المكتبة الوطنية رصيدا وثائقيا للمطالعة الخارجية (الإعارة) وهذا يعني في المقابل عدم وجود نظام للإعارة.

و تنتهج المكتبة الوطنية طريقة الشراء أساسا كمصدر لزيادة رصيدها من الكتب والمواد الوثائقية.

 وهنا لا يفوتني أن أبرز ضرورة تخصيص مبلغ مالي سنوي معتبر لتزويد المكتبة الوطنية بالوثائق والكتب التي تنشر في مختلف المجالات الموضوعية بين الحين والآخر.

و يتم كذلك تبادل بعض الوثائق مع بعض الهيئات الأخرى، إلا أن هذا التبادل مجحف لتوفر المادة المقروءة ومختلف أنواع الوثائق في مختلف مناحي المعرفة الإنسانية لدى مكتبات هذه البلدان ولتوفر دور النشر والطباعة، أما في بلادنا فإن الأمر يختلف نسبيا، حيث تنعدم دور النشر وتقل المطابع وتندر المادة المقروءة ويغلو ثمنها ويعز اقتناؤها. ولهذا فعندما يتحتم على المكتبة الوطنية أن ترسل بعض الوثائق - في إطار التبادل - إلى بعض نظيراتها فإنها تتحمل أعباء شاقة وتكاليف باهضة، ولا سيما بالنسبة لنشاطات ذات مردودية تسمح لها باقتناء وشراء بعض مستلزماتها وحتى الضرورية.

إن وضعا كهذا أن يكون في عصر عملته الوحيدة هي المعلومات، وفي عهد كهذا ندعو فيه وننادي بتوفير المعرفة للجميع، ولا يمكن أن يكون خصوصا بالنسبة المكتبة الوطنية.

 

إن المرسوم رقم 65-022 السابق رغم أهميته البالغة التي استمرت عدة سنوات من تاريخ صدوره إلا أنه اليوم لم يعد بوسعه تنظیم مرفق على قدر كبير من الأهمية ويمتاز كذلك بسرعة التغير وكثرة المفاهيم والمصطلحات ودقة المعلومات (وهو المكتبة) لارتباطه بالعنصر الرائد في عصر اليوم وهو المعلومات.

إن هذا المرسوم بحاجة إلى التعديل كي يراعي ويأخذ في الاعتبار مجموعة من العناصر ربما لم تكن وقت صدوره ذات أهمية ومنها :

-تفصيل أهداف ومهام المكتبة بشكل واضح، ففي هذا المرسوم إيجاز مخل بالمعنى تعريف المكتبة الوطنية: قبل تناول مختلف الجوانب المتعلقة بها ؛

.- تخصيص المادة 7 لنوع معين من الوثائق أمر لم يعد متماشيا مع روح العصر.

- الأقسام و المصالح المنصوص عليها في المادة 8 أساسية وضرورية إلا أن التعبير عن العمليات التي تقوم بها لا يتماشى مع كون هذا قسم وتلك مصلحة، فبدلا من أن تكون هناك أقسام ومصالح للعمليات الفنية الضرورية كالتصنيف والفهرسة ثم الإعارة والمطالعة، نلاحظ فقط وجود مصلحة واحدة هي مصلحة التصوير وهذا غير لائق، وتعتبر أقسام الفهارس أيضا غير مناسبة لأن الفهرسة حتى ولو اقتضت ضخامتها أن نخصص لها مجموعة من الأقسام فلن يكون التعبير عن ذلك بأقسام الفهارس و إنما سنعمد إلى وضع هذه الأقسام تحت سلطة مصلحة أو إدارة ثم نطلق عليها مصلحة الفهارس أو إدارة الفهارس.

وباختصار وبدون الوقوف عند كل نقص وتعديله ووضع بديل له أرى أن النواقص مجملة قد أخذتها في الاعتبار عند صياغتي للمقترح المرفق  (أنظر الملحق)

وقد نظمت المكتبة الوطنية الموريتانية تظاهرات ثقافية وطنية وشاركت في عدة تظاهرات ثقافية عربية وإقليمية ودولية نذكر منها:

- ثمانية معارض للكتاب الموريتاني كان أولها سنة 1989 م، ونتيجة لما القيه من صدى الترحيب و الإعجاب اعتمد كعادة وسنة حسنة.

.- 7 معارض للكتاب التونسي

- 1 للكتاب المغربي

- 1 للكتاب الكويتي

- 1 للكتاب السوري مثلت فيه دار الهجرة السورية ستة دور نشر عربية .

- الملتقى المنظم في بوردو بفرنسا حول تبادل التجارب في ميدان تنظیم و تسيبر المكتبات بالنسبة للبلدان الناطقة باللغة الفرنسية و المنظم من قبل ACCT .

-الندوة الدولية التي احتضنها انواكشوط حول تثمين وصيانة التراث الثقافي الموريتاني والتي ربما كانت نتيجة للنداءات الدائمة من أجل حماية وصيانة و إحياء ونشر وإشاعة موروثنا الثقافي والتي كانت المكتبة الوطنية حريصة على التحسيس بها على هوامش مختلف التظاهرات الثقافية و التي يزيد عمرها عن 11 عاما.

ومن بين أهم الهيئات والدول التي تتعاون مع المكتبة الوطنية في إطار تبادل الوثائق والخبرات هي دول المغرب العربي وعلى وجه الخصوص الجمهورية التونسية والمراكز الثقافية المحلية وكذا مكتبة الكونغرس التي تزود المكتبة الوطنية برصيد هام من الأسطوانات وفرنسا وكوريا والصين الشعبية.

 

أما عن العقبات التي أعاقت المكتبة الوطنية في الماضي والتي لا تزال تعيقها في الوقت الراهن فهي :

أولا: عقبات قانونية

- تفرض طبيعة المكتبة الوطنية الحالية بوصفها إدارة مركزية الكثير من القيود على الحرية اللازمة لأداء نشاطها ولبلوغ أهدافها، هذا بالإضافة إلى كونها لا تتمتع  باستقلال مالي، ولا يمكن أن تستفيد من بيع خدماتها ولو بسعر رخيص ، ولا يمكن أن تقوم بنشاطات ذات مردودية.

- و كذا بالنسبة لقانون الإيداع المتردد حيث ظهر سنة 1963 وكان من اختصاص إدارة الأرشيفات الوطنية، وبعد أن أنشئت  المكتبة الوطنية سنة 1965 أصبح من اختصاصها وكان بمثابة شريان الحياة بالنسبة لتزويدها بالمواد الوثائقية التي تنشر داخل الوطن. وبعد ظهور الصحافة الحرة بادر المشرع إلى تعديل قانون 1963 السابق دون أي تغيير إلا على الجزء الذي يتعلق بالصحافة، ونتيجة لذلك عاد الإيداع إلى إدارة الأرشيفات كما كان قبل 1965. وهكذا صار مؤلفو الكتب لا يعلمون إلى أين يودعون نسخ الإيداع القانونية، هل يودعونها للمكتبة الوطنية أم لإدارة الأرشيفات الوطنية؟ وهنا تجدر الإشارة إلى أن قانون الإيداع هذا لم يعد واضحا وكذا النصوص المنظمة و المسيرة للمكتبة الوطنية بوصفها المكتبة الوصية على المكتبات القديمة الجهوية والأهلية، ولذا لا بد من إعادة النظر فيه و أقلمته مع متطلبات الفترة الراهنة ولا سيما في وجود موريتانيين مختصين في المكتبات، ووجود معاهد ومدارس العلوم المكتبات والتوثيق والمعلومات في دول تربطنا بها علاقات وثيقة.

 

 

 [حسن ولد العالي، المكتبات في موريتانيا : ماضيها ، وحاضرها ، ومستقبلها، وقائع المؤتمر العربي الثاني عشر للاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات - المكتبات العربية في مطلع الألفية الثالثة 2001، ص131-168]

 

 

 

سبت, 20/06/2020 - 00:59