محافظ البنك المركزي السابق احمد ولد الزين يستعرض وضعية النظام المصرفي الموريتاني (مقابلة)

تحرير العملة الموريتانية أول خطوة  في الإستقلال الاقتصادي

كان قرار موريتانيا بالخروج من نظام الفرنك الفرنسي الذي بربط مجموعة دول غرب افريقيا الناطقة باللغة الفرنسية عام 1973 تعبيرا عن النضال العام التحرري للشعب الموريتاني هذا النضال الذي جسد رغبات الشعب الموريتاني بالاستقلال والسيادة.

ويقول السيد احمد ولد الزين حاكم المصرف المركزي الموريتاني والذي سبق له وأن تولى وزارة المال أن دور المصرف المركزي في موريتانيا هو نفس الدور الذي تقوم به المصارف المركزية في كل دولة.

وقد حدد القانون الذي صدر عام 73 مهام ومسؤوليات المصرف المركزي بما يلي :

1- مراقبة النظام المصرفي

2 - الحرص على سلامة الهيكل المالي

3- مراقبة توزيع القروض والتأكد من أن توزيع القروض يتم في أحسن الظروف وبشكل يحقق أكثر فعالية في التنمية الاقتصادية دون تأثير على قيمة العملة، وبمعنى أوضح أن لا تكون القروض عاملا أو سبباً في حدوث تضخم مالي وأن تكون القروض أيضا في حدود إمکانات موجودات الدولة من احتياطي العملة الصعبة خشية حدوث عجز في الوفاء.

4 - تسيير احتياطي العملة الصعبة ومراقبة الصرف.

5- القيام بدور الخزينة بالنسبة للدولة أي أن المصرف المركزي يفتح للدولة حسابا جار يسدد ما عليها، ويحصل ما لها. 

6- تنوير السلطات الوطنية فيما يختص بالاقتصاد وتقديم النصح والأراء من أجل تطبيق أحسن الخطط والتوجيهات بالنسبة لتسيير الاقتصاد الوطني.

 

ونسأل السيد حاكم المصرف المركزي عن المركز المالي للعملة الموريتانية (الأوقية) وانعكاس تذبذب اسعار الذهب والفضة وأسعار البترول وحركة أسعار الدولار فيجيب:

أن النظام الذي نطبقه في تحديد الصرف الحر تابع لقوانين ليس لها علاقة جامدة مع أي عملة أجنبية، بل أن تحديد سعر الصرف يتم على أساس سلم العملات الرئيسية في العالم.

أما فيما يتعلق باثر تذبذب أسعار الذهب والفضة فهي مهمة ومتعددة لأن هذا الانعكاس يتجلى بوضوح عن طريق التجارة الخارجية فعند ارتفاع الدولار ترتفع أسعار المواد المستوردة والعكس يجري على المستوردات بالعملات الأخرى أما إيرادات الدولة فهي لا تتأثر بهذا التذبذب إذا كانت محسوبة بالعملة الموريتانية (الأوقية).

ثانيا أن هذا التذبذب بالاسعار ينعكس أيضا على سعر الصرف الداخلي ويؤثر على سعر الصرف الموجود.

وطبعا هذه التحولات تضاعف من مشاكل الدول النامية كما أن اضطرابات الوضع المالي يزيد في تعقيد الأزمة المالية كما أن انخفاض الطلب على المواد الأولية بسبب الأزمة العالية وضع الدول النامية امام صعوبات ونكسات، وخاصة فيما يتعلق باستيراد مادة الحديد الخام حيث خفضت الشركات الأوربية لصناعة الصلب طلباتها وانتاجها مما سينعكس على طلب الحديد الموريتاني. وبعض الصادرات الأخرى کالسمك يتأثر أيضا بالاضطرابات المالية في حين أن مستورداتنا من أوروبا ينعكس عليها أيضا أسعار العملات وارتفاع الدولار فتزداد النفقات بدون مبرر اقتصادي حقيقي مما يشكل عبئا على الاحتياطي العام من العملات الأجنبية.

 

وردا على سؤال حول نظام رقابة العملات والتحويل المطبق حاليا وفيما اذا كان مؤقتا أم أنه نظام عام شامل يقول السيد احمد ولد الزين حاكم المصرف المركزي :

أن نظام رقابة العملات والتحويل، له مبرر رئيسي باعتبار أن موريتانيا دولة نامية ذات موارد قليلة يجب المحافظة عليها من اجل أسعارها في مشروعات التنمية الاقتصادية فإذا سمحنا بخروج العملة الصعبة وأطلقنا حرية التحويل فإننا نخشى تحول الرساميل والاستمارات إلى خارج موريتانيا ولذلك نحن مستمرون في تطبيق نظام الرقابة وهذا النظام تسير عليه معظم الدول النامية باستثناء الدول الصناعية الكبرى التي لديها الفائض من العملات الحرة .

ويأتي دور الحرب التي خاضتها موريتانيا بسبب المشكلة الصحراوية وأثر هذه الحرب على الوضع الاقتصادي والاحتياطي العام فيقول حاکم المصرف المركزي أن البلاد ما زالت حتى الأن تعاني من الأثار الاقتصادية التي خلفتها سنين الحرب فقد استنفدت هذه الحرب معظم الاحتياطي من العملة الصعبة، سواء في عمليات شراء الأسلحة او في تمويل الحرب ومنشآتها الخاصة مما أرهق خزينة الدولة والاقتصاد الوطني بشكل خاص .

 

ورداً على سؤال عن عوامل قيمة الأوقية وهي العملة الموريتانية وما هي تغطيتها يقول السيد أحمد ولد الزين :

في الواقع لا أستطيع التكلم عن قوة الأوقية لأن ذلك يعود الى العملات الصعبة ولكن هناك عدة عوامل تشكل مجموعها قوة للعملة أهمها :

1- التسيير النقدي، السيولة النقدية وتحديدها بشكل لا يتجاوز ما هو ضروري.

2 - التزويد الدائم للسوق بالسيولة بحيث لا نسمح بقيام منافسات مالية.

وعن مشروع الدينار العربي العام ومدى دعمه للتغطية النفطية والثروات العربية وهل سيكون عملة عالمية بمستوى الدولار والجنيه الاسترليني يقول حاکم المصرف المركزي:

أن تحقيق مشروع الدينار العربي هو أمل كل مواطن عربي ولكن ذلك يتطلب تحقيق بعض الظروف، فالعملة هي في الواقع انعكاس للوحدة، بل هي جزء من عوامل الوحدة وإلى أن يتم مثل هذه الظروف يبقى مشروع الدينار العربي الموحد في إطار المشروعات القابلة للبحث والدراسة والتمنيات.

وعن علاقة المصرف المركزي بصناديق التنمية، والتسهيلات التي تمنحها موريتانيا للمستثمر العربي يقول السيد احمد ولد الزين أن للمصرف المركزي علاقة خاصة بصندوق النقد العربي أما بقية الصناديق العربية فعلاقتها مع وزارة التخطيط لأن مهمتها تمويل المشاريع التنموية.

وأحب أن أؤكد بهذه المناسبة ان قانون الاستثمار الذي وضعته الحكومة الموريتانية أعطى جميع الضمانات للمستثمرين العرب، ومنحهم امتیازات ضخمة سواء من حيث الإعفاء من الضرائب وحق تحويل الأرباح ورأس المال في حال تصفية الشركة أو المشروع، يضاف إلى ذلك أن الحكومة الموريتانية تقدم للمستثمرين العرب مساحات من الأرض الخاصة بالمشروع وتوفر لهم جميع الخدمات اللازمة مع حماية قانونية للانتاج.

3- تسيير العملات الصعبة وايجاد سيولة مستمرة في السوق المالية، واحب أن اؤكد أن لدى

المصرف المركزي احتياطي من العملات الصعبة يسمح لنا بتمويل مشروعاتنا الانمائية ومراقبة الصرف.

 

وينتقل الحوار مع حاكم المصرف المركزي الي الحوار بين الشمال والجنوب بين الدول الغنية والدول الفقيرة وعن رأيه في ايجاد نظام اقتصادي عالمي جديد . وما هي النتائج التي توصل إليها الحوار فيقول :

نحن في الحقيقة نعتقد بأن النظام الاقتصادي الدولي السائد الآن هو نظام اقتصادي غير عادل ويتطلب إصلاحات وتعديلات، وموريتانيا ترحب بكل حوار وقد لاحظتم طبعا ما تم حتى الأن وبأن الحوار بين الشمال والجنوب لم يحقق أي نتيجة ايجابية فالمواقف مجمدة ونحن متفقون مع الدول النامية على متابعة المطالبة بتعديل النظام الاقتصادي دون أي انکماش عن المواقف ولكنني لا استطيع التنبؤ بما سيؤدي اليه هذا الحوار على أن وجود نظام اقتصادي عالي جديد يسمح للجميع بالتعايش والسلام أصبح مطلباً ملحا وخاصة بالنسبة للدول النامية .

 

ونسال حاكم المصرف المركزي عن أهم الموضوعات التي تناولها مؤتمر محافظي المصارف المركزية في الدول العربية فيقول :

في الكلمة التي ألقيتها في مؤتمر محافظي المصارف المركزية الذي عقد في أبو ظبي لمحت إلى ضرورة ايجاد نظام اقتصادي عالمي جديد وتطرقنا إلى موضوع إنشاء مؤسسة لضمان التبادل النقدي ووسائله أي إيجاد الشيك العربي الموحد ، كما تطرقنا إلى بعض المواقف العامة للدول العربية وخاصة من موقف تمثيل فلسطين في اجتماع البنك الدولي وتقرر متابعة النضال من أجل الحصول على حق تمثيل فلسطين في اجتماعات البنك الدولي .

 

المصدر: مجلة دنيا المجتمع السورية، عدد خاص بموريتانيا بتاريخ فبراير 1983.

جمعة, 10/07/2020 - 23:52