من المحيط الهندي إلى المحيط الأطلسي.. الوَدع كجزء من تاريخ المنطقة!

أخبرنا ابن فضل الله العمري في القرن 14م، الذي استقى معلوماته من حُجاج مملكة مالي و المناطق الصّحراوية الدّائرة في فلكها ورُوّادها من التّجار العرب ‹‹أنّ المعاملات في بلاد تكرور بالودع، و التّجار أكثرُ ما تجلب إليهِم الودع وتستفيد بهِ فائدةً جليلة، ويتحلّون به واسمه كوري››.

 

ويبدو أنّ الودع كان ما يزال وسيلةً من وسائل التقويم بولاتة في عهدِ الگصري (ت : 1819م) بدليل سؤالهِ ‹‹عن رجلٍ توفيّ وزوجته تطالبه بتسعينَ مثقالاً ذهباً مِن صداقها وعادةُ بلدها من قديمِ الزّمان أنّ مثقالَ الصّداقِ لا يُقضى إلّا بألفينِ ودع سواءً كانَ الزّوجُ حياً أو ميتاً..›› . 

 

وكانَ تُجارُ باگل الصوننكيون الذين يتّجهون إلى سيغو وتنبكتو أحياناً بالأقمشة والأسلحة والعنبر والملح يبيعونها بالودع، وبهذه العملة يشترون الذّهب خلال النّصف الأول من القرن 19م.

 

وتُظهرُ وثائق تيشيت أن الودع كان ما يزال يُستخدم عند أهلها كعملةٍ من القرنِ 19م.

وكان هذا الودع يجلبُ إلى المنطقة من المُحيط الهندي عن طريق البرتغاليين ابتداءً من القرن 16م. 

 

ويرى فيليب دي كارتين ph.de curtin أن استخدامه في المنطقة قد تعمّم ابتداءً من القرنِ 17 بفعل اتساعِ التّبادلِ البحري مع الأوروبيين.

 

وقد أوضحَ جان لوى امييج j.l.miége أن الودع كان مُستخدماٌ خلالَ القرنِ 19م في المعاملات الصّغيرة الحجم وبشكلٍ متفاوت في مختلف شبكات التّجارة الصّحراوية من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهندي.

 

وفي المغربِ الأقصى كان الودع يفرغُ بانتظامٍ في اصويرة منذِ بداية القرن 18م وحتى نهاية القرن 19م. وترواح سعرهُ فيما بينَ 40 إلى 45 فرنكا للقنطار سنة 1870م بينما بلغ في تنبكتو  50,12 فرنكا للألف.

 

ولعل في هذا البعدِ التّاريخي للودع كوسيلة لقياسِ القيّم و التعبير عنِ الثّروات، وفي أصله الهندي، ما قد يساعدنا في تفسيرِ ما انبنى عليه من ممارساتٍ رمزية وما يعزا له، إلى اليومِ من خصائص طوطمية لدى بعضِ الأوساطِ النّسوية في المناطقِ التي ألفت التعامُل به أساساً. 

 

المصدر: محمد المختار ولد السّعد، إمارة اترارزة و علاقاتها التّجارية و السياسية مع الفرنسيين من 1703 إلى 1860. أطروحة دكتورا، ج1. معهد الدراسات الإفريقية، 2002. ص148.

سبت, 17/10/2020 - 15:19