موسم الصمت

في خضم الأحداث الأخيرة والمؤشرات الناطقة والصامتة التي يشهدها بلدنا الحبيب موريتانيا لايبدو مسار الأمور باعثا على الارتياح.

إن عمليات الثقة وإعادة الثقة وتدوير الفاسدين والمفسدين شكلت صدمة حقيقية لنظام في طور التشكل ، وما زال في بداية معركة مزعومة ضد الفساد ، باركها الموريتانيون بكل أطيافهم وأنساقهم المختلفة ، لكنها اليوم أشبه ماتكون ب(فرحة ول إحسن) ، الذي جاءته البشرى بمولود جديد ، لكن حامل البشرى أضاف بكل أسف المولود فارق الحياة!

يزيد الأمور غرابة صمت غريب من طرف السيد رئيس الجمهورية وحكومته عن توضيح تراكمات من الشك لدى المواطن الذي بات مهما عظمت فراسته وحذقه لا يدري أين تتجه الأمور.

سيدي الرئيس نحتاج ونستحق منكم كمواطنين المكاشفة بصدق إذا كانت ملفات فساد العشرية ستطوى لا داعي للتسويف ، وجس النبض ، وتدوير بعض المشمولين في الملف، تكفي خرجة إعلامية واحدة منكم ؛ أعرف أنها ستكون مكلفة لكم شعبيا وسياسيا لكنها أجدى لكم ولمستقبلكم السياسي على المدى البعيد ، إذا لم يكن هناك خيار آخر.

كان الشهيد الراحل صدام حسين رحمه الله غالبا مايردد (اكسب صديقك بالبينة قبل أن تفقده بالغموض).

صمت آخر لايقل غرابة عن سابقه هو صمت حكومتنا عن إغلاق معبر الكركرات وما تلا ذلك من تداعيات على لقمة عيش المواطن الشحيحة أصلا ، إنها مواسم الصمت بامتياز.

إن من يتابع تداعيات هذا الإغلاق على الأسواق الموريتانية ، وطائرات الشحن وسفينتين حتى الآن هبوا لتقديم المساعدة في تموين السوق ، ولا يسمع تصريحا ولا تلميحا ولا إشارة للأزمة من طرف أي مسؤول موريتاني سيصاب بجنون الدهشة إن صح التعبير.

هل الأزمة في جزر المالديف؟ 

يبدو الأمر غريبا حقا ، ويستحق التأمل والتعجب!

لن أدخل في الجدل الكلاسيكي حول تحميل مسؤولية إغلاق المعبر لهذا الطرف أو ذاك ؛ البوليساريو أو المغرب ، لكن أليسوا جميعا أشقاء ؟ والمتضرر بالدرجة الأولى هو نحن؟

لقد رضينا لأنفسنا منذ زمن بعيد أن نكون الحلقة الأضعف في كامل شبه المنطقة ، وعلينا أن ندفع دوما ثمن هذا الإختيار .

إن دبلوماسيتنا النائمة عفوا أقصد الناعمة تبدو ناعمة حقا ، وحيادنا بات سلبيا وموقفنا يدعو للحيرة ،ومثير للشفقة أكثر من إثارته للإستغراب والتأمل.

 

محمد محمود إسلم عبد الله

 

جمعة, 06/11/2020 - 17:40