هكذا تبدو الكركرات ومآلات صراعها

بنظرة فاحصة لعين المكان الذي تفجرت منه أحداث تطهير معبر الكركرات يوم الجمعة الماضي وما أعقبها من تداعيات تدرك أن الوضع تغير هنا كثيرا.

جرافات مغربية تنظف الطريق الذي طالما كان ميدانا للمحتجين ، وحشود عسكرية مغربية في أهبة الاستعداد على حدود المنطقة المنزوعة السلاح مع موريتانيا، تقابلها حشود موريتانية تراقب وتتحرك على طول الشريط في استعداد قتالي تام ، مع حضور لافت لضباط سامين يتحركون بين مختلف نقاط التمركز.

حركة الشاحنات بالإتجاهين عادت بوتيرة بطيئة نسبيا ، لكن لاشيء يعرقل الحركة بعد أسابيع من توقفها ، والجو يوحي بهدوء لم يعد مشوبا إلا بنزر يسير من الحذر.

لقد بسطت المملكة المغربية سيطرتها على المنطقة المنزوعة السلاح من معبر الكركرات غربا حتى الأطلسي ، وشرقا حتى محاذاة مدينة بولنوار  ، وهو عمق يكفي لتأمين المعبر من أي صدامات يمكن أن تحدث على طول الحدود كردة فعل من جبهة البوليساريو على تحركات المملكه.

حسمت المملكة هذه الجولة من جولات الصراع بتكاليف بسيطة جدا ، واستفادت من تعاطف الكثير من دول العالم ، لكنها جولة واحدة من جولات صراع مرير.

الجبهة ونشطاؤها ظهروا أمام العالم في موقف لايشي بالقوة وهم يغلقون المعبر  ، وحتى دون مراعاة لظروف العالقين، ماجلب عليهم سخط الكثير من دول العالم ، خاصة الجارة موريتانيا التي كانت دوما ملاذا آمنا وعمقا استيراتيجيا لكل الصحراويين.

الجبهة كثفت من حركة ماكينة دعايتها الاعلامية بعد أحداث يوم الجمعه، وقامت بالفعل بشن ضربات محدودة على الجدار العازل خاصة في منطقة المحبس ، وسط استنفار وقرع لطبول الحرب في إقليم وشبه منطقة ذاقت دوله مرارة ويلات الحرب ، ولكل منها اليوم من المشاغل والمشاكل مايغنيها عن تحمل تبعات المغامرة بخوض الحرب ، أو النفخ لتأجيجها من جديد.

لقد أخطأت قيادة البوليساريو التقدير وتحركت في المكان الخطأ ، فغلق المعبر كان ثمنه باهظا ، وأكاد أشتم روح مؤامرة في هذه المغامرة وليعذرني من لايشاطرني الرأي فهذا مجرد تقدير شخصي.

لقد كسبت المغرب المعركة الأولى لكن الجبهة أعلنت من جهتها التخلي عن إتفاق وقف إطلاق النار الموقع سنة 1991 وأعلنت الحرب ، أهو قرار استيراتيجي أم مجرد تكتيك مرحلي؟

الأيام وحدها ستجيب عن ذلك ، ولكن لايبدو أن العالم العميق -إن صح التعبير - مهتم كثيرا بهذا الصراع في بعده العسكري حاليا على الأقل.

 

 

      محمد محمود إسلم عبد الله

اثنين, 16/11/2020 - 09:33