العمل من أجل التغيير.. مسيرة حزب "مشاكس" / اتيام مامودو 

تأسس حزب العمل من أجل التغيير يوم 17 أغسطس 1995، من خليط من الحساسيات السياسية غير المتجانسة (لجنة الأزمة، حركة الحر، حركة rej، بعض قدماء الحركة الوطنية الديمقراطية، عناصر من حركة "افلام"، عناصر من المتطرفين الزنوج في حركة AMN) . وهذه الحركات ليست لها نفس الرؤية السياسية ولا نفس الإنشغالات، لكنها تلتقي في معاداة نظام ولد الطايع، والإنسحاب من اتحاد قوى القوى الديمقراطية لعدم التفاهم مع أحمد ولد داداه، وقد وقف عدم الانسجام داخل الحزب عقبة أولى في وجهه. لكن ميلاده في ظرفية صعبة وحساسة ساعدته في تعزيز موقعه في ولايات الضفة خصوصا بعد تبنيه لقضايا اللاجئين والمبعدين وضحايا أحداث 90،91، وأيضاً تنبيه لقضية العبودية أو مخلفاتها وإثارته المتكررة لها خارجيا وداخليا، وكانت تلك المواضيع كافية لتعبئة العواطف وإثارة النعرات وجذب مناضلين متحمسين إلى صفوف الحزب. 
وكان رئيس العمل من أجل التغيير غداة تأسيسه، مسعود ولد بلخير أعلن في أول مؤتمر صحفي عقدوه يوم 28 أغسطس 95 عن إنشاء حزب "على أساس مبادئ محددة وواضحة، وليس حزبا لمجموعة أو أخرى، أو لمجموعة ضد أخرى" لكنه "حزب المهمشين المتعطشين للعدالة والرافضين للعنف، لأن العنف مناقض للعدالة. حزب يطالب بدولة القانون ويسعى إلى المساواة." 

الانشقاقات

عرف حزب العمل من أجل التغيير أول أزمة داخلية بعد سنتين من تأسيسه، وظهر الخلاف بين قادة الحزب بسب خطاب عمدة و شيخ كهيدي "تيجاني اكويتا" أمام الوزير الأول في كيهيدي، وهو الذي اعتبره الحزب "توددا" لنظام ولد الطايع، وتم تجميد عضوية "تيجاني اكويتا" من المكتب التنفيذي كيفدرالي للعمل من أجل التغيير في ولاية كوركول، إضافة إلى إقالته من منصبه كأمين عام مساعد للحزب مكلف بالعلاقات الخارجية، وذلك من خلال الدورة العادية للجنة الدائمة للحزب في 02 أغسطس 1997، وكانت هذه "الهزة" هي المقدمة لسلسة من الإستقالات و الإقصاءات داخل الحزب، فخرج منه كلا من مولاي امحمد ولد مولاي الدخيل (النائب الأول للرئيس)، سالم فال (مستشار بلدي في انواذيبو) أغسطس 1999 والتحقا بالحزب الجهوري، وأيضاً سيدي مانجان الملقب سيدي موي (عمدة انيابينة) وصمبا سميغا (مسؤول قسم تفرغ زينة) جالو داوود، وكلهم خرجوا من الحزب في العام 1999 وفي أغسطس 1999 طردت القيادة المركزية للحزب عضوية رئيس حركة "التحالف من أجل موريتانيا الديمقراطية" النائب السابق عبد الله كبي، وشمل نزيف الإنسحابات من الحزب جزءً كبيراً من مناطق الضفة التي كانت من معاقل قواعده الفاعلة. 
وعقد العمل من أجل التغييير أول و أخر مؤتمر وطني له من 02 إلى 05 أغسطس 2001، واتفقت خلاله جميع الحساسيات على التماسك والتوحد خلف زعامة مسعود ولد بلخير.
وقد استطاع العمل من أجل التغيير إثبات كونه أكبر أحزاب المعارضة خلال الإنتخابات الأخيرة، وظهر كثاني قوة سياسية في المدن الكبرى (انواكشوط، انواذيبو) كما أن نتائج تلك الإنتخابات أفرزت معطيات سياسية جديدة تتجسد في أن "المعارضة الإجتماعية" يمكن أن تلعب دوراً حاسماً في الشأن السياسي والإنتخابي،  وهو ربما الشيء الذي أراد ولد بلخير توظيفه بشكل دائم ومتكرر للحفاظ على نوع من الزخم الشعبي في أفق الإنتخابات الرئاسية المقبلة 2003، وربما كان ذلك أحد الأسباب الأساسية في "إسكات" النظام له. 

المصدر: القلم، العدد 201 بتاريخ 07 يناير 2002.

جمعة, 19/02/2021 - 21:46