عزيز والإصرار على زعزعة الأمن...

منذ عقد ونصف من الزمن وأنا أحاول  دراسةحياة هذا الرجل المثير للجدل بطبعه؛ فقد دفعني الفضول  لجمع فتاة من المعلومات الشحيحة التي تتداخل فيها الأسطورة بالحقيقة؛ ليجد الخيال نصيبه في سرد حياة مهنية؛ جمعت بينه وبين جنود عاديين وضباط صف وملازمين وعقداء سابقين في الجيش.

كل العارفين بعزيز أجمعوا على أن له باعا طويل في المغامرات؛ وحرصا على حرق المراحل؛ نظرا لكونه نشأ في مجتمع تمارس غالبيته التجارة ؛ الأمر الذي خلق لديه عداوة مع كل من حباه الله بثروة؛ جعلته يمتهن العنف للتضييق على رجال الأعمال بعد تويله للسلطة ..

فمن كهيدي إلى المنطقة العسكرية السادسة؛ ثم الحرس الرئاسي حدثت أمور كثيرة   عكست في غرابتها شخصية الرجل؛  لعل أهمهاقصته مع وكيل الشرطة في المعلب الأولومبي؛ حين كان قائدا للحرس الرئاسي.

تلك القصة على طرافتها أظهرت اختلالات غريبة؛ حين تحول من  كان من بفترض به أن يحافظ على الأمن إلى مخل  بأبجديات البروتكولات الأمنية المعروفة.

لقد حدد المرحوم اعلي ولد محمد فال في مقابلة له مع قناة فرانس24   الصفة المناسبة لمن كان يرفع شعار مكافحة الفساد والمفسدين.

 فحرصه  على المساس بالأمن تتطلب منه  ضرب لحمة المجتمع بقوة من خلال أمرين في غاية الخطورة؛ أولهما إذكاء النزعة الشرائحية وخلق توتر مزمن بين كل مكونات الشعب الموريتاني ؛ كاد أن يؤدي لحرب عرقية كانت ستأتي على الأخضر واليابس في كل الاحتمالات .

أما ثانيهما فتمثل في تشجيع موجات الإلحاد في أوساط الشباب وتحطيم المرجعيات الدينية سبيلا لخلق فوضى عارمة؛ يراد لها أن تخفي معالم حرب ضروس على ثروات البلد بشكل يهدد أمنه في الصميم.

استطاع الشعب الموريتاني برصيده الروحي وبسلميته المعهودة  أن يتجاوز بصعوبة عشرية الجحيم التي مازالت أضرارها ماثلة في كل تفاصيل حياته اليومية؛ وظن الطيبون من هذا الشعب أن الرجل وجد سانحة للخروج بسلام ليمنح الوطن فرصة استقرار من شبح حرب تلوح في الأفق ارتبطت باسم رئيس الفقراء.

كانت المفاجأة هي عودة الرجل بقوة في محاولة لخلط الأوراق والتأثير على مسار الانتقال السلمي للسلطة؛ لكن الرئيس غزواني تعامل مع الوضع بحكنة مجنبا موريتانيا إرتدادات عنيفة كانت ستكون لها تأثيراتها البالغة على أمنها القومي.

أخذت الأمور مسارا آخر؛ حيث بدأ التحقيق مع ولد عبد العزبز ليتنهي بوضعه تحت الرقابة المشددة بعد اتهامه بغسيل الأموال والتربح غير المشروع.

لم تكن رسائل من هذا القبيل لتثني رجلا جنى كل ثرواته من الإخلال بأمن وطنه؛ فكل مغامرة في هذا الاتجاه من وجهة نظره ستمكنه من العودة لكرسي الرئاسة من جديد.

مناورات الرئيس السابق أخذت بعدا تصعيديا ينذر بخطر حقيقي ؛ فالتلويح بدويل قضيته ومحاولة العودة للواجهة السياسية من خلال حزب الرباط وتحريك خلايا نائمة هدفا تثمين الإنجازات المزعومة؛ هو في الحقيقة مؤشر على أن الجنرال السابق مستعد لاستخدام ثروته بسخاء في خوض مغامرة غير محسوبة العواقب.

كما أن خطوة من هذا القبيل قد تقرأ  على أنها رسالة مشفرة لكل العصابات والحركات الجهادية النشطة بالمنطة؛ مفادها أن ولد عبد العزيز يتبنى من الآن أسلوب الدفع المسبق لكل المنخرطين في مشرو عه لزعزعة أمن بلده.

سواء حاولت السلطات الأمنية مهادنة الرجل عبر منهجة تضييق الخناق عليه؛ أو وضع حد لأحلامه للعودة من كل الأبواب  بالقوة؛ فإن عليها أن تدرك قبل فوات الأوان أن عزيزا مصر على الإخلال بأمن موريتانيا ؛ بكل الأساليب المتاحة؛ أو تلك التي قد لاتخطر على بال أحد.

د .أمم ولد عبد الله

سبت, 10/04/2021 - 13:10