هيبة الدولة بين مسؤولية المواطن والسلطة

تعتبر هيبة الدولة مسألة ضرورية لا يمكن لعجلة التنمية أن تتدحرج في أمان و بانتظام من دون وجودها .
فهي الضامن الأول لأي خطوة يتم خطوها على درب البناء و الإنماء .

لذا فإن السلطة الحاكمة -أي سلطة- مطالبة بفرض تلك الهيبة من خلال إقامة العدل و المساواة، و إشاعة السلم و الأمان، وتوفير الصحة و التعليم، و تحقيق العيش الكريم .

فحين يشعر الفرد أن حقه مصان، و أن عرضه محفوظ، و أن أمنه مستتب ؛ فسيقابل المؤسسات القائمة على إسعاده بالهيبة المبنية على الاحترام في كبرياء المواطن الصالح، وبالخضوع في اعتزاز للنظم و الترتيبات المعمول بها، و لن يألوا جهدا في المحافظة على المكتسبات، بل سيتعزز حبه الفطري لوطنه، و ستتولد لديه قدسية المؤسسات التي تستوجب الاحترام و التقدير و الانسجام و الانضباط و الالتزام ...

و لكن حين يكون الفساد المالي و الإداري هو ديدن مؤسسات الدولة، و يصير الظلم و الرشوة و المحسوبة و القبلية مظاهر و سلوك تطبع علاقة المسير بالمسير فستتكسر الهيبة، و تنقلب إلى خيبة عامة و فوضى عارمة، يفقد فيها المواطن حس الانتماء و يتزعزع إيمانه بالوطن .

و حتى لا يصل المواطن إلى درجة من الإحباط تجعله يكفر بالمؤسساتية ، و يتحول إلى عائق في وجه التنمية أو إلى عبء يثقل كاهل الدولة لمحدودية مردوديته و عظيم احتياحاته؛ فإنه من اللازم خلق جو ملائم يحكمه التفاعل الإيجابي بين واجبات السلطة و حقوق المواطنين، و ذلك بمد جسور التواصل بين الحاكم و المحكوم ليعلم من خلالها الأول -أي الحاكم- أنه خادم و ليس مخدوما و أنه مؤتمن و ليس مالكا و أنه راع و ليس ذئبا، و سيزيد ذلك -بطبيعة الحال- من هيبته التي تجسد هيبة الدولة و مؤسساتها .

و من المعلوم أن الدور الأكبر في إيجاد هذه الهيبة التي من شأنها أن تحافظ على كينونة البلد و تضمن بناءه و نموه يقع على عاتق النخب الحاكمة أو التي تقود الرأي العام و توجهه في أن تستقيم و تقلع عن كل ما من شأنه أن ينقص من تلك الهيبة أو يخدش جلالها أو حياء المواطن .

"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"
 

أحد, 25/04/2021 - 01:06