عندما لا ينجح الناجح

في 27 من شهر مارس الماضي، خضنا مسابقة أعلنت عنها اللجنة الوطنية للمسابقات مع المدرسة العليا للتعليم، لاكتتاب المفتشين. وقد خضت المسابقة في مادة الفلسفة التي كنت أرى نفسي: جذيلهاالمحكك وعذيقها المرجب. كان اليوم الأول عن الوجودية عند جان بول سارتر واليوم الثاني عن الأبسيتمولوجيا من حيث أهيمتها بالنسبةللمنهج التجريبي.

لقد تعودت على النجاح والخسارة في المسابقات. فقد نلت جائزة شنقيط للدراسات الإسلامية لعام 2008 م ولكن كنت أرى أن نجاحا في مسابقة من صلب الاختصاص تعد مسألة وقت فقط، خصوصا أنني تعودت على تحرير المقالات والبحوث في مجلات دولية كما سيأتي، وأيضا كتبي المطبوعة في مصر ولبنان وفي موريتانيا العزيزة كل هذا كان يجب أن يكون رافدا في النجاح في هذه المسابقة التي لم تصحح على النحو الأمثل، أو بالأحرى كان التصحيح في واد والناجحون في واد أخر ولم تكن هذه العصا من تلك العصية.

أريد فقط أن أتحدث عن المادة الثانية في اليوم الثاني. كانت تتمحور حول الأبسيتمولوجيا والمنهج التجريبي، طبعا يعتبر باشلار هنا هو الحاضر الغائب لإجابة تريد أن تكون وجيهة ومتوجهة.

فتحدثت عن الأبسيتمولوجيا الباشلارية ومواضيعها التقليدية: كالعقل والتجربة والالتحام بينهما وتكلمت عن القطيعة والخطأ ومفهوم الواقع العلمي الذي يبنيه الباحث بناء، ولم يعد واقعا يصور كما قال برنارد في زمنه وزمانه. وتحدثت عن ملابسات نشأة الأبيستمولوجيا وأزمة اليقين في العلوم التجريبية وفي الرياضيات والتي أثارها على التوالي هايزنبرغ وجورج كانتور في نظرية المجموعات ...

المهم أنني أثرت إشكالية لا ينبغي أن يثيرها أحد غيري، وهي أن الأبسيتمولوجيا لم تكن دائما خادمة للمنهج للتجريبي وللعلوم التجريبية. قلت في هذا الصدد أنه في مجال المعرفة العلمية وحدهم علماء الميدان في هذه العلوم هم من لهم دور الكلمة وحق الإعراب فيما يتعلق بالمسائل العلمية وطرائق تطويرها وتطورها. أما الأبيستمولوجيا فهي قراءة وصفية لما يحدث في العلم من وجهة نظر تأمل فلسفية، أي من خارج العلم. وقلت هنا أنها نوع من التوفيق بين العلم والفلسفة كما كان ديدن علماء الإسلام بالتوفيق بين الفلسفة والدين وخصوصا الفارابي. وقلت  هنا في نقد مبطن لباشلار أنه فعل كما فعل الفارابي وهو أنه أغضب الفلسفة ولم يرض العلم.

لقد أردت بتوجيه الدراسة هذا الاتجاه مسألتين:

الأولى أن الفلسة كما يقال هي نقد وتشكيك وهي قول: لا، لذلك أحببت أن أمارس النقد على بعض المطارحات الباشلارية باعتبارهانوع من الوصاية غير المقبولة على العلم، كنت أرى في إثارة هكذا النوع من المسائل أنه توجه واكتشاف جديد في الدرس الأبيستمولوجي، وحري بأن يكون موضوع اهتمام، وأن يعتبر عامل نجاح لا عامل لعنة وإقصاء.

المسألة الثانية هي أنني أقر في نفسي أن المعرفة التي ندرسها، أيا كانت، يجب أن نبحث عن مكاننا منها. أي أن يكون هناك بعد الباحث ووجوده وتفكيره وثقافته. لذلك حاولت تقريب الأبسيتمولوجياإلى مظهر من مظاهر ثقافتنا ومعرفتنا الفلسفية حتى نثبت ذاتنا الإسلامية داخل هذه المعرفة أو تلك، فقلت في هذا الصدد انها نوع من التوفيق وفي حالتنا توفيق مع الدين وفي حالتها مع العلم، أما الاغتراب و في المعرفة الأخرى فهو ليس ممدوحا.

أرفع الشكوى إلى رئيس الجمهورية أطال الله بقاءة السيد محمد ولد الشيخ الغزواني ليرعفع عنا ظلم هذه اللجنة الوطنية للمسابقات. وإني أعلن عن أنني أتحمل المسؤولية إذا أعيد التصحيح ولم أكن صادقا.

الإمضاء الشيخ أحمد ولد محمد محمود

حائز عاى جائزة شنقيط للدراسات الإسلامية عن كتاب الإسلام دين الحياة لا جين الإرهاب

ومؤلف الكتب والبحوث التالية

ـ المنطق وأصول الفقه دار الكتب العلمية 2014 م بيروت لبنان

ـ تأصيل المقاصد الشرعية 2017 م دار الكلمة القاهرة مصر

ـ صراع القيم في موريتانيا اتحاد الكتاب الموريتانيين 2017 م

ـ الطوفي وتاثيره على الشاطبي في نظرية المصالح بحث في مجلة المسلم المعاصر 2015م مصر

ـ الحد المنطقي والنص الأصولي والصعوبات المشتركة، مجلة إسلامية المرفة المعهد العالي للفكر الإسلامي الولايات المتحدة الأمريكية 2016 م

وبحوث كثرة جدا في مواقع مختلفة

 

اثنين, 03/05/2021 - 11:17