تأمل في مسار مهني..

صدرت الاسبوع الماضي مذكرات الوزير محمد الناني تحت عنوان "تأمل في مسار مهني"، في طبعة فاخرة باللغتين العربية والفرنسية، مع انه من  الواضح أن  النسخة الفرنسية هي الاصل. وبما أن الوزير محمد الناني شخصية وطنية من طراز رفيع، وانه طلب من القراء مشاركته افكارهم حول الكتاب ،  فقد ارتأيت أن أتقدم بهذه الأفكار  السريعة تقديرا للكاتب والكتاب .

 

في البداية يُحسب للوزير محمد  الناني إقدامه على هذه الخطوة المفيدة التي عادة يُحجم عنها الكثيرين خاصة  المسؤولين السامين في الأحكام التي تلت 10\7\1978،  لأسباب شتى من أكثرها وجاهة الرضا من الغنيمة بالاياب. الكتاب  مفيد للمتخصصين في الاقتصاد لأنه يتحدث عن المراحل التي مر بها الاقتصاد الوطني طيلة العقود الماضية مقدما الأرقام "الرسمية طبعا" ، مع بعض الملاحظات حول مكامن الخلل. كما انه يقدم معلومات عن بعض المحطات البارزة من تاريخ البلد ، مثل الاحداث مع السينغال. فهو يلقي الضوء على مشاركة الرجل الكبيرة في التسيير ، البعيدة عن تهم الفساد والمحسوبية، فتاريخ الرجل نظيف، لا غبار عليه

. ولكن يؤخذ على الكاتب انه حرمنا من الاستفادة من تجربته السياسية وتقييمه السياسي  الذي لا شك انه ثمين جدا، حيث درس  بالثانوية الوطنية ما بين سنتي 1969- 1972  في اوج اشتعال الحركة الطلابية المعارضة  وازدهار الافكار السياسية التي سينتج عنها تأسيس حزب الكادحين السري، وكانت الثانوية الوطنية هي الثانوية الوحيدة حينها في نواكشوط، وقد شكلت مركزا ومنطلقا للكثير من النضال، فكان يستحسن  ان يقدم لنا رأيه وتقييمه لتلك الحقبة،

 

ونفس الشيئ بالنسبة للتجربة الديمقراطية التي بدأت مع دستور يوليو 1991، والتعددية الحزبية التي نجمت عن تبني ذلك الدستور، وقطب رحاها الحزب الجمهوري الديمقراطي الاجتماعي. كما ان محطة بارزة مثل ما يعرف  بالإرث الإنساني لم يعط السيد الوزير تقييمه لها.

ومع ذلك فقد كان الكتاب جديرا بالقراءة ويحتوي إضاءات مفيدة للقارئ العادي ولصاحب القرار في هذا الوقت الذي تستعد فيه البلاد لاستغلال الغاز حيث يخلص الكاتب  إلى أن الموارد الطبيعية ليست شرطا ضروريا ولا كافيا لدفع التنمية وقد تكون عديمة الجدوى في غياب الحكامة الرشيدة و المصادر البشرية المكونة و المؤهلة لتحمل المسؤوليات.

أربعاء, 24/01/2024 - 22:53