مٓن المستفيد؟

تعرّنض كثير من المواطنين الموريتانيين، خلال الأيام والأسابيع الماضية وفي مناطق مختلفة من البلاد، لممارسات قمعية عنيفة من جانب السلطات الأمنية، وصلت حدّ التعذيب النفسي والجسدي المُهين والمُشين، وعرضت حياة الكثيرين منهم للخطر..

وكل ما اقترفه هؤلاء المواطنون هو التعبير السلمي عن معاناة عاشوها طويلا، أو محاولة إيصال مطالب محقة وضرورية إلى من بأيديهم الامر والنهي، وعليهم مسؤولية خدمة المواطنين ورعاية مصالحهم وحمايتهم من الإضرار بهم أو بمصالحهم..

فمن المستفيد من كل ذلك؟ من المستفيد من زعزعة الأمن وإثارة مشاعر الكراهية تجاه السلطة والنظام القائم؟ هل للحكومة أو للرئيس مصلحة، غير منظورة، في إثارة المشاعر الشعبية والاضطراب الأمني غير مأمون العواقب ولا محسوب النتائج؟!

ما الذي يستفيده الرئيس أو حكومته من قمع وتعذيب المواطنين في مدينة ازويرات، لمجرد أنهم يريدون حماية أنفسهم وبيئتهم من أضرار محدقة ومخاطر ماحقة؟

ولماذا يُقمع الأهالي في منطقة تيفيريت، إذا طالبوا سلميا برفع الضرر عنهم وإنقاذهم من مخاطر صحية، لن تقف أضرارها عند أؤلئك المحتجين، بل تهدد بنشر الأوبئة والأمراض المزمنة كما تهدد صحة المجتمع وأمنه؟ 

وماذا عن أؤلئك الذين سلبت ممتلكاتهم، تحت غطاء بيع مزيف، ولم يجدوا الثمن أو ترد لهم أصولهم، ولا أحد ينظر في قضيتهم أو يراعي ظروفهم، وأغلبهم من ذوي الدخل المحدود؟ وما ذنب غيرهم من أصحاب الوقفات المطلبية والاحتجاجية السلمية، وكأنهم شياه بفيفاء لا راعي لهم ولا من يهتم بأمرهم!!

وماذا عن قمع طلاب الجامعة، وأؤلئك الراغبين في الالتحاق بها، ليكونوا جميعا مؤهلين لخدمة وطنهم ومجتمعهم؟

الم يكن الأَولى أن يقدم الشكر لهؤلاء، لأنهم نبهوا السلطات جميعا (من الرئاسة إلى الوزارات ذات الاختصاص المباشر)، على هذه المخاطر لمواجهتها ودفع ضررها في الوقت المناسب؟!

ما هو دور وزارة التعليم العالي ووزارات الصحة، والبيئة، والداخلية، والعدل، إذا لم يكن توفير الأمن، وإقامة العدل، ورعاية الصحة العامة، وحماية البيئة، وتوفير متطلبات التعليم لأبناء الوطن، بدلا من تركهم هملا في الشوارع وصيدا سهلا للانحراف والجريمة المنظمة!!

أرجو أن يستيقظ الجميع، وأن يبادروا لإصلاح الاختلالات المتعاظمة، وتصحيح الأخطاء والخطايا الفادحة، قبل أن تخرج الأوضاع عن السيطرة ويحدث ما لا تحمد عقباه..

عبد الله إسحاق (Altilimity)

ثلاثاء, 29/12/2020 - 21:24