الدكتور أحمد الريسوني على سعة علمه بالشريعة؛ مؤخرا أكثر من خرجاته التي تحيل إلى مغربية موريتانيا. فمرة تحدث عن جلابية الشيخ عبدالله بن بيه على أساس انها دليل انتماء لموريتانيا إلى المغرب. وهذه المرة يخرج بشكل آخر ليسهب في الموضوع ويتحسر على استقلال موريتانيا.
للرجل مقام معلوم يحفظ له؛ لكنه يستحق ملاحظات بناء على عدم ادعائه العصمة بل واستحالة ذلك عليه.
إذا تحدثنا عن تسعة قرون من وجود السلطة في المغرب فإننا نتحدث عن تبعيتها لموريتانيا في أهم مراحلها بمنطق أن يوسف بن تاشفين هو ابن اخت القائد المرابطي ابي بكر بن عامر وهو الذي عينه واليا هناك لكنه استقل بإقليمه عصيانا وانقلابا.
ثم إن المملكة كماهو معلوم أعلنت في نهاية الخمسينيات من القرن الماضي وكانت قبل ذلك سلطنة ينتابها ماينتاب كل ارض الله من ضعف وتبعية وتداول في الأيام. في حين أن موريتانيا شهدت منذ القرن الخامس عشر قيام إمارات امتدت لقرون ومازالت قائمة في خدمة النظام الجمهوري.
والآن وفي العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين للمغرب تاريخه ولموريتانيا تاريخها وللمغرب رجالاته ولموريتانيا رجالاتها وللمغرب أرضه ولموريتانيا أرضها؛ ولكل منهما عقد مواطنة ونظام سياسي ودستوري مختلف.
الاستعمارات والغزوات أعقبتها الاستقلالات والدساتير وهي كلها تطورات تجب ماقبلها إن وجد. وموضوع البيعة حتى بمنظور فقهي وقانوني يعتبره الدكتور الربسوني نفسه أسرها ام أظهرها مناقضا لعقد المواطنة في الدولة المدنية.
هناك وجع جيوسياسي ونفسي قائم الآن في المغرب قد يكون ممايثقل كاهل الدكتور الريسوني ومن هم في مقامه من العلماء يتمثل في كره إسرائيل المحرم وحب الصحراء المستحيل. بعبارة اخرى إخلاص المودة لتل ابيب وتصنع الغضب على تيندوف وماجاورها؛ وتطاير شظايا هذا الوجع إلى الجزائر وموريتانيا قد يكون متفهما بحكم التعالقات لكن ان يبني عليه عالم شريعة حكما جيوسياسيا وتاريخيا فهذه ليست من مناطات الأحكام المالوفة.
وفي انتظار أن تبت الأمم المتحدة والمملكة المغربية والجمهورية الصحراوية في مصير إقليم الصحراء الغربية؛ ويتجاوز المثقفون المغاربة تباريح الوجد السامي المستجد؛ نبقى نحن في موريتانيا منبتين عن اي جوار جغرافي مع المغرب فليدعنا بعض اهل المغرب من هذه المُزح الثقيلة بالتقسيط التي تطل علينا من حين لآخر.
