محلل اقتصادي: بورصة نواكشوط قد تكون الفرصة الأخيرة لنقل الاقتصاد الموريتاني

قال المحلل الاقتصادي، سيد الخير عمرو، ان مشروع بورصة نواكشوط للأوراق المالية بحمل في طياته ثورة اقتصادية صامتة، ستعيد ترتيب اللاعبين والمجالات والفرص، وستميز الغث من السمين، والشفاف من المظلم. معتبرا إنشاء بورصة للأوراق المالية خطوة لا تقل أهمية عن شق طريق في قلب الصحراء.

 

وأشار إلى أن بورصة نواكشوط لن تكون مجرد منصة تداول، بل ستكون مصفاة اقتصادية، تفصل ما يمكن الاستثمار فيه عن ما كان يُسوّق بالأوهام. وهنا تبدأ المفارقات.

 

سنرى القطاعات الجادة – البنوك، الشركات الإنتاجية، المشاريع الشفافة – تخرج من ظل التمويل الضيق إلى فضاء التمويل المفتوح، وسيتمكن المستثمر الصغير من شراء سهم في شركة بناء بدل شراء شقة في عمارة لا كهرباء فيها ولا صرف صحي.

 

ستزدهر شركات الوساطة المالية، وسيتحول كثير من السيولة الجامدة إلى رأسمال نشط. وسيضطر من تعوّد على بيع الوعود العقارية في أرض قاحلة بلا طريق ولا ماء أن يجد تبريراً جديداً لانهيار الأسعار، بعد أن اكتشف الناس أن هناك استثماراً أكثر عدلاً وربحاً في أسواق الأسهم والسندات.

 

وأضاف المحلل المالي "الفقاعة العقارية التي ازدهرت في أطراف نواكشوط، حيث تُباع الرمال على أنها ذهب، ستجد نفسها في مواجهة أدوات تمويل حقيقية ومنافسة شفافة. وعندما يجد المستثمر بديلاً آمناً عن شراء قطعة أرض بـ15 مليون أوقية، فقط لأن "واحداً قال إنها سترتفع"، فإن الأسعار ستعود إلى حجمها الطبيعي".

 

أما سوق الديون المضاعفة، ذلك الأخطبوط الذي يلتهم البسطاء، فسيبدأ بالتراجع أمام صعود أدوات مالية قانونية ومنظمة. لن يضطر التاجر الصغير إلى اقتراض أوقية بأوقيتين إذا استطاع أن يشارك في صندوق أو يبيع أسهماً أو يحصل على تمويل من شركة مدرجة.

 

لكن البورصة أيضاً مرآة قاسية: ستكشف هشاشة بعض المؤسسات، وستظهر من لا يملك من الأرقام إلا العنوان، ومن المشاريع إلا اللافتة. فالسوق لا يجامل، والبيانات لا تخفي نفسها عندما تكون معلنة.

 

باختصار: بورصة نواكشوط قد تكون الفرصة الأخيرة لنقل الاقتصاد الموريتاني من ثقافة التنازل والانتظار إلى ثقافة المبادرة والإنتاج. من رمال العقارات الوهمية إلى رأسمال الشفافية. فهل نحن مستعدون لهذه النقلة؟

ثلاثاء, 29/04/2025 - 17:56