طوارق النيجر.. وأولوية الحفاظ على المكتسبات

يعد الطوارق أكبر إثنية بالنيجر، وتوجد في جميع أقاليم النيجر، تاريخيا ما عدا دوسو والتي سجل فيها مؤخرا حضور طوارق شوتا وطوارق تمزڨيد (المسجد).
وقلت أكبر إثنية عرقية، لأنهم أكثر من الزرما، وأما الهوسا فما يجمعهم هو اللسان، أكثر من العرق.
والنًظر إلى الطوارق كأقلًية، وفقا للإحصائيات الرسمية، يعود لعوامل منها :

تواجدهم في الصحراء أكثر، مما يعني عدم توثيق أعداد معتبرة منهم

إضافة ” السود ” منهم إلى عرقية الهوسا أو الزرما، حسب مناطق تواجدهم…
وإذا عدنا إلى الوراء قليلا،
نجد الطوارق أبرز من قاوم المستعمر الفرنسي بالنيجر، من تيلابيري غربا، إلى أغديز وزندر شمالا وشرقا.
ولم يغب الطوارق عن المشاركة الفاعلة في تسيير النيجر، بعد نيل الاستقلال، بداية من جوري هماني، إلى حكومة الأمر الواقع اليوم
وهذا ما يطرح سؤالا
هل كانت حكومات النيجر، تستبعد الطوارق وتقصيهم أم الطوارق هم من اختاروا النأي بأنفسهم ؟
الحقيقة أن حكومات النيجر، لا تهمّش الطوارق ولا تقصيهم، بقدر ما أقصى الطوارق أنفسهم في صحرائهم ومراعيهم، وهذا ما سهّل استغلال جهات خارجية لهذه الوضعية، للتشويش على حكومات النيجر، ومن الطبيعي أن ترد الحكومات بالردع أحيانا، وبسياسة تقريبهم غالبا.
وقد قربتهم الحكومات إيمانا منها، أنهم مكون أساسي لا غنى عنه، وله حصة أساسية من الحكومة، إحسانا إليهم واتقاء فتنتهم.
وساسة النيجر كلهم، يدركون أنه لا يمكن أن تحكم عرقية واحدة، ومن حاول ذلك فمصيره للفشل.
وثورة النيجر الأولى، وقودها أطماع نظام القذافي، في النفوذ والسيطرة، حتى كاد ينقلب الكابتن سيدي محمد و ولد الشافعي على حكومة العقيد سيني كونشي، بتمويل من طرابلس، وتعتبر من أفضل الحكومات الوطنية، وإن كانت عسكرية.
فمن الطبيعي أن يشكك سيني كونشي وحزبه، في العرب والطوارق، وفي وطنيتهم !وأنهم متمردون وعملاء لجهات خارجية.
فتصاعدت وتيرة الفعل، وردات الفعل إلى أن وصلت إلى جبهات تمرد، وحركات تحرر في الشمال، شارك فيها الطوارق والعرب والتبو إلى أن تمت المصالحة الوطنية يوم 24/04/1995 في عهد الرئيس محمد عثمان
ومنذ تلك المصالحة، حظي الطوارق بمزيد من الاهتمام من الحكومات المتعاقبة، كما زاد الوعي لديهم واندمج متمردو الأمس في الجيش الوطني. وسجلوا أبناءهم بالمدارس فتخرج منهم جيل واع يشارك في جميع إدارات الدولة المدنية.
وفي عام 2007 قررت حكومة الراحل تانجا تغيير عقود اليورانيوم مع فرنسا، كما اجبرت فرنسا على استغلال مناجم أخرى عن طريق الضغط والتهديد، بأنها سوف تنهي العقد معها وتسلمها لجهات أخرى.
حينها ظهرت لنا الحركة الوطنية من أجل العدالة (MNJ) بدون أي مقدمات بقيادة أغالي ألمبو ورفاقه، وخمدت الحركة بعد توافق الحكومة مع فرنسا.
وللعلم حكومة تنجا بها سبع حقائب وزارية للطوارق.
وكانت بيانات الحركة متضاربة، وما زالت مقاطعها منشورة على اليوتيوب وتدل على أنها ليس لديها اي مطالب سوى الفوضى، ومع ذلك احتوتها الحكومة النيجرية وعينت أغالي مستشارا لرئيس الجمهورية برتبة وزير.
فإذا: الشعب النيجري، علم ماهية هذه الحركات، ومن يحركها والطوارق على وجه الخصوص، أدركوا ذلك جيدا، وهم عنصر فاعل في جميع الدوائر الحكومية، وتذوقوا نعمة الوحدة الوطنية, والتماسك الاجتماعي والأمن والأمان, فلا يمكن بحال من الأحوال أن يستجيبوا لتلك الحركات التخريبية..
بماذا أفادت حكومة بازوم العرب والطوارق، بل كان بازوم يستميت في إقصاء العرب والطوارق، لكي لا يقال عنه عنصري وجهوي.
وبماذا أفادت حكومة بازوم ٱير خاصة، وبازوم من ديفا وزندر.
فكيف تأتي الحركات المساندة له من ٱير.
فالقضية لا علاقة لها بالديموقراطية، ولا العرقية، ولا الجهوية.
إن كانت هذه الحركات ديموقراطية، فلماذا سمحت لإسوفوا أن يزوّر الانتخابات أكثر من مرة.
وإن كانت عرقية، لماذا لا يقودها العرب بدلا من الطوارق.
وإن كانت جهوية، لماذا لا تأتي من ديفا وزندر بدل ٱير.
فأقول للأشقاء الذين وجدوا تمويلا لهذه الحركات، رجاء لا تخربوا بيوتكم بأيديكم بأي مقابل، ولا تشتروا بلادكم بأي ثمن
ولا يعبث الأعداء بأرضكم عن طريقكم .
وكان زعيم المعارضة هما أمدو يقول: للشعب في بعض الحملات الانتخابية، خذوا أموال الحزب الحاكم فهي من خزينة دولتكم، ولا تصويتوا لهم.
ولا شك أنًه يكفي فسادا أخذ الأموال العامة دون مسوًغ، لا أن تصل الأمور إلى سفك الدًماء، وحرق الأخضر واليابس، من أجل مصالح شخصية ضيًقة.
أولى ما ينبغي على مواطني النًيجر والطوارق منهم خاصة، الحفاظ على المكتسبات التي حصلوا عليها وهي كبيرة.. وصيانتها بالبعد عن كل السًبل التي تؤدًي للإقتتال والانجرار خلف مشاريع مشبوهة.

 

عمر مختار محمد الأنصاري
عضو المكتب السياسي لحزب التجديد الديموقراطي والجمهوري

أحد, 20/08/2023 - 01:05