هذه أخلاق الطبقة السياسية منذ 1978 وإلى اليوم

لاحظت اليوم على صفحات فيس بوك تنويه البعض بتدوينة للوزيرة السابقة،الناها بنت هارون ولد الشيخ سيديا،عندما طلبت من الله الشفاء للرئيس السابق،محمد ولد عبد العزيز،و كان من اللائق أن لا يبتعد الناس عن الإنسانية لدرجة التنكر للرابطة الإسلامية و الإنسانية و الوطنية،التى تربطنا بعمق،و ما لم يظهر العكس فمرد ذلك الذمامة و شيوع التملق،فمن يدعو لمريض بالفرج و الشفاء لا يمكن أن يلام، و هو ما يفعله الموريتانيون ربما على نطاق واسع، أي الدعاء لكل مكروب،و إن لم يعلنوه،لأسباب أو لأخرى.

و لكن بصمات و شذرات من التاريخ تؤكد مدى ضعف عهد المصفقين فى موريتانيا مع رؤسائهم.فعندما انقلبوا على الرئيس المؤسس المختار ولد داداه،رحمه الله،تجرأ كثيرون على انتقاده و التحامل عليه،بمجرد خروجه من دفة الحكم!،و كذلك فعلوا ضد ولد هيداله و معاوية و ولد عبد العزيز،و قد وصل الأمر مع ولد عبد العزيز درجة الإشادة بمن يدعو له علنا بالشفاء،و لكن هذا كله مجرد درس لمن شاء الاقتباس و الاعتبار،من معشر النافذين الحاليين،و هم قطعا مدركون لذلك بعمق.

و من يطمع فى دوام الود و العهد بعد الخروج من دائرة النفوذ و الهيمنة،فهو واهم مختل الحسابات،فاعتبروا يا أولى الأبصار.

ينبغى أن لا يطمع أي صاحب نعمة فى الوفاء،إلا نادرا،و لطالما ردد الواعظ البليغ عبد الحميد كشك،رحمه الله:"رأيت الناس قد مالوا إلى من عنده مالو،و من لا عنده مالو فعنه الناس قد مالوا.رأيت الناس قد ذهبوا إلى من عنده ذهبو،و من لا عنده ذهبو،فعنه الناس قد ذهبوا.رأيت الناس منفضة إلى من عنده فضة، و من لا عنده فضة فعنه الناس منفضة!.

و ليس من طبيعة الإنسان فى الغالب الأعم الوفاء،فقلد ظل الوفاء دائما عملة نادرة.

و الموالاة أو المعارضة لا تعنى البتة التنصل من الإنسانية و المسؤولية الأخلاقية،فمن أراد موالاة صاحب الفخامة ،محمد ولد الشيخ الغزوانى،دون التفريط فى البعد القيمي و ما يلزم من صلات بينية إيجابية،بين المسلمين و البشر عموما،و من أراد مناصرة تجربة ولد عبد العزيز فى الحكم،دون تجريح أو إهانة لغيره.

و لا أرى أنه يمكن المزايدة على صاحب الفخامة ،محمد ولد غزوانى،فقد لا يكون الأقل رفقا بصاحبه السابق محمد ولد عبد العزيز،لكن مشاكل الحكم و احتياطاته أصعب و أشد حرجا،و لا أرى إلا أن الخلاف بين الرجلين غامض،و مع ذلك سمح له سابقا بالخروج للتداوى،لكن عزيز ظل مصرا على التصعيد،و لا أستبعد لجوء الرئيس غزوانى للعفو الرئاسي يوما ما أو تمنعه المقاربات و الحسابات الأمنية و هو الأعرف بذلك الجانب المعقد،لكن كل هذا أمرا عموميا،أما حقوق السجين و الطابع الإنساني فأمور أخرى إلزامية.

و باختصار اللهم اشفه و اشف جميع مرضى المسلمين و فرج عن المكروبين.

و ستبقى الاخلاق أساس الأمم الرفيعة:

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت/فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا

و أما من أراد أن يبني حساباته على فترة الرخاء و الصعود و النفوذ فهو قليل الفهم و الحذر،و ربنا جل شأنه يقول:"يا أيها الذين ءامنوا خذوا حذركم".

ثلاثاء, 03/06/2025 - 13:59