بيان الثمانية.. أمل أم ألم؟

اجتمعت ثمانية أحزاب معارضة،بمقر حزب العيش المشترك،بلاكاز،مصدرة بيانا مشتركا ضمن مؤتمر صحفي،عبروا فيه عن بعض المشاكل البنيوية و الظرفية،و كان للمكون الزنجي الافريقي،حسب وصف البيان،قصب السبق فى طرح معاناة تهميشه، ثم لحراطين، عبر تأكيد عمق وجود العبودية و مخلفاتها،و ما عدا ذلك مجرد تفصيل أو حشو .
فبيان الثمانية،أرجع أجواء البلد لنبرة توظيف و ركوب دعاوى المعاناة العرقية و الشرائحية،مما فرض على هذه الأحزاب و أنصارها الدوران فى فلك الصراع العرقي و المجتمعي،فهل هذا هو السبيل و الطريق الأمثل، لأخراج البلد من أزماته الضاغطة،و التى يبدو أن بعض المجتمعين يعتبرها ظرفية و فى الدرجة الثانية،بعد المشاكل البنيوية و الهيكلية؟!.
و ضمن هذا البيان،ركز محرروه على أن الانقسام على أساس الهوية و أن الوحدة الوطنية مجرد أمنية!.
و فى جلسة هذا المؤتمر الصحفي،لهذه الأحزاب الثمانية،يوم الإثنين،16/8/2021،رفع مسعود صوته بانتقاد النظام القائم، مؤكدا على تهميش"لكور"،على حد تعبيره،و قد استدعت مداخلة مسعود، الكثير من ردود الفعل فى ساحة التدوين، فى إعلام التواصل الاجتماعي،أجمع من خلاله كثيرون،على أن مسعود تعود فى السنوات الاخيرة، على إظهار انتقادات شديدة أحيانا،تنتهى باحتواء خاص فحسب!.
و عبر مسعود ولد بلخير عن روح البيان المثير للجدل،محذرا من تجاهل تهميش لكور و لحراطين و غيرهم،مما قد يؤدى-حسب تصريحه- لتقاتل الموريتانيين،و أكد مسعود على حتمية الحوار،و قال بأن الرئيس غزوانى،إذا لم يكن مستعدا لمواجهة المشاكل،ينبغى أن يستقيل.
و يتوقع اليوم الثلثاء، 16/8/2021،أن يلتقي الرئيس غزوانى مع رؤساء الأحزاب،الممثلة فى البرلمان(تلك المنسقية التى لا ينتمى لها تواصل)،ربما للعمل على تقريب المواقف من ما هو منتظر،من تشاور،و لبحث بعض ما يدعى و يتردد صداه فى المشهد السياسي،و يستبعد حضور ممثلين عن هذه الأحزاب الثمانية،صاحبة البيان محل البحث.
هذا البيان الموقع من طرف هذه الأحزاب الثمانية،يعتبر إعلانا ضمنيا، عن انشقاق المعارضة،ضمن فريقين،أحدهما تجمعه مع الأغلبية ما يسمى "خارطة الطريق"،و من بين هذه الأحزاب القريبة من النظام،التكتل و حزب اتحاد قوى التقدم و الصواب،و الفريق الآخر مشكل من الأحزاب الثمانية،الموقعة لهذا "البيان 8".
بداية حراك سياسي،قد لا يلتفت فيه النظام فى الوقت الراهن، بسهولة، لحوار ملزم النتائج،و قد يقتصر تشاوره مع المعارضة مع أحزاب "خارطة الطريق" و من ينضم إليها.
و للتدليل على عمق شرائحية و تصعيد هذا البيان،الصادر عن الثمانية أحزاب،المشار إليها،نقتطف لكم منه هذه الفقرة التالية:"فبالفعل مايزال البلد عرضة لتحديات جسام علي رأسها مشكل الوحدة الوطنية ، تلك الوحدة التي لم تزل مجرد أمنية بفعل سياسات التمييز والإقصاء علي أساس الإنتماء العرقي . 
إن إقصاء المكون الزنجي الإفريقي قد أخذ أبعادا تجعل التعدد العرقي والثقافي للبلاد محل شك، كذلك ماتزال العبودية ومخلفاتها رغم ترسانة القوانين المجرمة لها ، ماتزال تنخر جسم مختلف مكونات المجتمع الموريتاني كما بقيت شريحة لحراطين ترزح تحت الجهل وتئن تحت الإستغلال بصفتها طبقة عاملة".انتهى الاستشهاد.
و مهما يكن أهمية رفض حزب تواصل أو التحالف أو غيرهما تزكية نظام ولد غزوانى،حرصا على التغيير نحو الأمثل و تجاوز ما اقترفه هذا النظام فى حق الشعب و الدولة،لكن تبنى هذا الخطاب السياسي التصعيدي الشرائحي الحاد،و الذى لا يتماشى مع الواقع تماما،قد لا يخدم بعض ما تبشره بعض أحزاب المعارضة المعتدلة،و ربما أرجع هذا "البيان الثماني" البلد لأجواء الشحن العرقي و الشرائحي،لولا رفض مثل هذه الأطروحات الضيقة، من قبل السواد الأعظم من طبقتنا السياسية.
و مهما تكن قيمة الضغط على النظام للقيام ببعض الإصلاحات الجوهرية و تجذير حرية التعبير و محاولة الحد من ارتفاع الأسعار أو غير ذلك، مما يستدعى قوة معارضة ضاغطة،إلا أن النبرة العرقية و الشرائحية الحادة و المستفزة، التى طبعت بيان ال8،سيدفع كثيرين للتحفظ منه،لعدم موضوعيته و عدم ملاءمته للظرف السياسي الوطني .

أربعاء, 18/08/2021 - 12:56