
في لحظة تبدو فيها موريتانيا قاب قوسين أو أدنى من إرساء تحول تنموي غير مسبوق يطل النائب بيرام الداه اعبيد مجددا عبر بيان مشحون ليعيد إنتاج خطابه المتشنج متجاهلا كل التحولات الإيجابية التي يعرفها البلد ومصرا على النفخ في رماد الانقسام والتوتير .
لقد أعاد اجترار خطاب الاتهام الشامل مطلقا العنان لكلمات ثقيلة مشحونة "تحالف نهب" "كرتيلات" "هاوية الفشل" "سخط الشعب" متناسيا أن هذا الشعب نفسه منح ثقته وبأغلبية واضحة للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني لأنه لمس فيه نهجا مختلفا ومسارا هادئا للإصلاح بعيدا عن ضجيج الشعبوية وابتزاز الشعور العام.
أما عن حديثه عن "غياب الحوار" فإن الوقائع تكذبه. فقد انتهج الرئيس غزواني منذ وصوله إلى الحكم سياسة اليد الممدودة فاستقبل المعارضة وفتح أبواب التشاور الوطني، وكرس الحريات دون أن يساوم على ثوابت الدولة ولا على استقرارها. لكن من يريد حوارا يشبه الانقلاب على الواقع لا يمكن أن يكون شريكا في بناء وطن مشترك.
وبخصوص الأمن فرغم التحديات الإقليمية الخطيرة المرتبطة بالمخدرات والجريمة المنظمة ونشاط الحركات الإرهابية فإن موريتانيا بقيت صامدة متماسكة ومحترمة في محيطها وقد عرفت خلال السنوات الأخيرة تعزيزا غير مسبوق لقدراتها الأمنية، جعلها اليوم فاعلا إقليميا يحسب له الحساب في مجال محاربة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود.
الحقيقة المرة التي لا يريدها بيرام أن موريتانيا اليوم تعيش تحولات جذرية بقيادة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني الذي نجح في تثبيت قواعد الدولة المدنية وترسيخ مناخ السلم السياسي والاجتماعي والتوجه نحو حوار جدي وفعال ومواجهة حازمة وقوية لموجات الهجرة غير الشرعية وفتح آفاق تنموية واعدة أثمرت تحسينات ملموسة في قطاعات التعليم، والصحة والبنى التحتية، فضلا عن النجاح الدبلوماسي غير المسبوق إقليمياً ودولياً.
لقد أدرك النائب أن قطار التحول قد انطلق وأن مشروع "طموحي للوطن " بدأ يتحول من وعود إلى واقع. ولذلك، وكما تقول الحكمة السياسية: "حين تعجز عن مواكبة التطور، ابدأ بتشويهه."
وفي النهاية، نقول لبيرام الداه اعبيد ما قاله شارل ديغول ذات يوم: "الوطن ليس حقيبة تحمل في السفر، بل هو بيت تبنى جدرانه بالصبر والعمل والوفاء."
وها هو الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني يبني تلك الجدران بكل صبر رغم محاولات الهدم القادمة من الخارج.