السكرتير الاول لحركة صحراويون من اجل السلام: نسعى لحل سياسي لحل سياسي بالتفاوض مع المغرب

برزت مؤخراً  في المشهد السياسي الصحراوي حركة تسمي نفسها "صحراويون من أجل السلام "، واكتسبت زخما بعد قبول عضويتها كمراقب في مؤتمر منظمة الأحزاب الاشتراكية الدولية الشهر الماضي في تركيا،  لتجلس الي جانب جبهة البوليساريو. وهو ما أثار جدلا واسعا في أوساط الصحراويين حيث يعتبر بعضهم ان الحركة تأسست لخدمة الأهداف المغربية من خلال الترويج لمقترح الحكم الذاتي والتخلي عن حق الصحراويين في إقامة دولتهم المستقلة على اقليم الصحراء الغربية.

والتزاما منا بإتاحة الفرصة امام جميع الفرقاء الصحراويين للنقاش البناء والمسؤول خود مستقبل قضيتهم، ولتسليط الضوء على رؤية الحركة للنزاع وفرص التسوية، حاورت "أقلام" السكرتير الأول لحركة صحراويون من أجل السلام الحاج أحمد باريكلى.

 

 أحمد باريكلى سياسي ودبلوماسي صحراوي وممثل سابق لجبهة البوليساريو في إسبانيا وسفيراً في فنزويلا ووزيراً للتعاون.

 في عام 2017، أطلق "المبادرة الصحراوية من أجل التغيير،"، التي نددت بما أسمته بغياب الديمقراطية داخل جبهة البوليساريو والأزمة الاجتماعية في مخيمات اللاجئين.

 

وفي سنة 2020، أسس رفقة عدد من القياديين والعسكريين والمدنيين الصحراويين حركة "صحراويون من أجل السلام"، وهي تقدم نفسها كبديل سياسي يدعو إلى حل تفاوضي للصراع في الصحراء الغربية ، على أساس الحوار ونظام الحكم الذاتي بضمانات دولية.

 

أقلام. ما هي دوافع تأسيسكم لحركة صحراويون من أجل السلام؟

 

الحاج أحمد باريكلي:  ظهرت حركة صحراويون من أجل السلام نتيجة تفكير عميق من قبل العديد منا، الذين ناضلوا لعقود في إطار جبهة البوليساريو، ومع مرور الوقت، خاصة بعد سقوط جدار برلين، تغيّر العالم، فالمجتمعات تطورت نحو نماذج أكثر انفتاحاً وديمقراطية وتعددية، بينما ظلت البوليساريو متجمدة في منطق الحزب الواحد، دون مجال للاختلاف أو النقاش الداخلي.

 

ورغم أنها تعلن نفسها كحركة ديمقراطية، إلا أنها في الواقع عملت بأسلوب سلطوي، وكانت هناك مرحلة مظلمة شهدت حالات تعذيب وعمليات إعدام خارج إطار القانون، ولا توجد آليات لتصحيح الأخطاء أو تحمّل المسؤوليات، وغالباً ما يتم إسكات الأصوات الناقدة، وتنتهي الخلافات الداخلية في كثير من الأحيان بالاعتقال أو الإقصاء أو الانشقاق.

 وهذا ما حدث بالفعل سنة 1988، عندما أدّت صراعات على السلطة في القمة إلى عملية تطهير بأسلوب الشيوعية الصينية، أدت إلى اعتقال وخروج قادة بارزين، بعضهم من المؤسسين والضباط ذوي المسار الطويل.

 

أمام هذا الواقع، وُلدت حركة "صحراويون من أجل السلام" بهدف واضح  وهو خلق فضاء سياسي جديد داخل المجتمع الصحراوي. نراهن على التعددية والحوار ورؤية أكثر ديمقراطية للمستقبل، ونريد أيضاً تغيير مقاربة الصراع، فنحن نؤمن بأن الخيار العسكري لم يعد مجدياً، وأن السبيل الأنسب هو السعي لحل سياسي، تفاوضي وسلمي مع المملكة المغربية.

 

اليوم وأكثر من أي وقت مضى، يجب أن نستثمر اهتمام المجتمع الدولي من أجل التوصل إلى حل عادل وواقعي وتحت ضمانات ملائمة، فالخيار العسكري هو انتحار، وقد ينتهي باستسلام تام، ونؤمن بشدة بأن تضحيات ومعاناة الشعب الصحراوي تستحق نهاية أخرى، أكثر كرامة وشرفاً، ولهذا اخترنا ما أصبح يُعرف الآن بـ"الخيار الثالث".

 

 

أقلام: هناك مقاربتان لتسوية النزاع، إجراء استفتاء لتقرير المصير أو مقترح المغرب بالحكم الذاتي للإقليم.. ما موقفكم من الطرحين؟

 

الحاج أحمد باريكلي: الواقع، مهما كان قاسياً، هو أن خيار الاستفتاء لتقرير المصير لم يعد في صلب قرارات مجلس الأمن منذ أكثر من عقدين، فالمهام الموكلة إلى المبعوثين الخاصين للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء الغربية تستند إلى الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة، مما يعني أن الأولوية هي لإيجاد حل سياسي متوافق عليه من الأطراف. 

 

في مواجهة خيار الاستفتاء والاستقلال الذي تدافع عنه البوليساريو، يقترح المغرب صيغة للحكم الذاتي، وحتى الآن، لم يتمكن الوسطاء الأمميون من تقريب وجهات النظر، ولا تزال الوضعية راكدة، كما أن القوى الكبرى المؤثرة في هذا الملف، كالولايات المتحدة، المملكة المتحدة، فرنسا، وإسبانيا (القوة الاستعمارية السابقة)، أظهرت ميلاً واضحاً لصالح المقترح المغربي.

 

وأمام هذا الجمود المستمر منذ أكثر من 30 سنة، تقترح حركة صحراويون من أجل السلام بديلاً وحلاً كونفدرالياً أو حكماً ذاتياً موسعاً، يقوم على تحسين العرض المغربي ويستلهم نماذج ناجحة مثل كردستان العراق أو الحكم الذاتي في إقليمي الباسك وكتالونيا في إسبانيا، ما يهم هو كسر الحلقة المفرغة لهذا النزاع، والتخلي عن الخيار العسكري الذي لم يجرّ سوى الألم وفقدان الأرواح، خصوصاً بين الشباب الصحراوي، وفي بعض الأحيان حتى بين المواطنين الموريتانيين نتيجة الآثار الجانبية للحرب.

 

ومنذ استئناف القتال في نوفمبر 2020 بعد أن قامت البوليساريو بخرق أحادي الجانب لاتفاق وقف إطلاق النار، فإن الحصيلة كانت سلبية بوضوح، فقد ضاعت كل المواقع والمكاسب التي كانت تتحصن بها منذ نشر قوات المينورسو سنة 1991.

 

انطلاقاً من الحس السليم والواقعية السياسية، نعتقد أن الطريق الوحيد الممكن هو اتفاق تفاوضي مع المملكة المغربية، تحت رعاية وضمانات دولية، فموازين القوى واضحة، ولا يوجد مخرج واقعي سوى انتظار لا نهاية له أو خطر الهزيمة الكاملة، كما حدث لحزب العمال الكردستاني في تركيا.

 

أقلام: تم اعتماد منظمتكم كعضو مراقب في منظمة الأحزاب الاشتراكية، وكان من الواضح دعم المغرب لكم في ذلك.. ألا يحرجكم هذا الدعم سياسياً؟

 

الحاج أحمد باريكلي: لا أرى أن الادعاء بأن حركة صحراويون من أجل السلام تم قبولها في الأممية الاشتراكية بفضل دعم المغرب، هو أمر غير دقيق كي لا أقول بأنه ادعاء باطل. وعلى من يروج لهذا الادعاء أن يقدم أدلة ملموسة، وليس مجرد ترديد لما يقوله البوليساريو ضد معارضيه.

 

للتوضيح، الأممية الاشتراكية لا تتكون من دول، بل من أحزاب سياسية، أكثر من 130 حزباً حول العالم، ومسار القبول فيها معقد وصارم ويمر بعدة مراحل، من بينها لجنة الأخلاقيات. ولكي يُقبل الحزب كعضو كامل، يحتاج إلى تصويت إيجابي من عدة أحزاب دون أن يكون هناك اعتراض من أي طرف، وفي حالتنا، لم يكن هناك أي "فيتو"، حتى من طرف البوليساريو نفسه، الذي لا يمتلك في المنظمة سوى صفة عضو استشاري بدون حق التصويت.

 

ومن بين الأحزاب التي أيدت ترشيحنا كان حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المغربي، وهو، بالمناسبة، يحتفظ بعلاقات عادية مع البوليساريو، تصل إلى حد دعوته بشكل دوري إلى مؤتمرات في الرباط، وحتى إلى أنشطة سياحية.

 

والواقع هو أن البوليساريو لم ينجح في إسطنبول في منع ما هو أهم، فقدانه لتلك الصفة القديمة والمبالغ فيها بأنه "الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي". وعلى عكس البوليساريو، نحن نشعر بالرضا الكامل لكوننا أصبحنا جزءاً من منظمة دولية نتقاسم معها المبادئ الأساسية للحرية والديمقراطية والتعددية السياسية.

جمعة, 13/06/2025 - 12:01