الهجرة إلى جزر الكناري تتحول إلى الانطلاق من موريتانيا والسنغال

عرفت مسارات الهجرة في الآونة الأخيرة تغيرا ملحوظا، إذ بات المهاجرون غير الشرعيين القادمون من إفريقيا جنوب الصحراء يسلكون طرقا غير تلك المعتادة للوصول إلى القارة الأوروبية، إذ أصبحوا يمرون عبر موريتانيا والسينغال في محاولات للوصول إلى جزر الكناري. وقد شهدت هذه المسارات في الأسبوع الأخير تدفقات بالمئات.

في هذا الإطار، قال محمد النشناش، الرئيس الأسبق للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، إن “قضية الهجرة غير النظامية تهم كل البلدان، والمغرب نظرا لقربه من إسبانيا كان تاريخيا ممرا للهجرة عبر جبل طارق، لكن في السنوات الأخيرة، ونظرا لاتفاقياته مع الاتحاد الأوروبي وعلاقاته الطيبة مع إسبانيا، بات يراقب ويحد من الهجرة غير الشرعية التي تمر عبر سبتة ومليلية بصرامة”.

وأضاف النشناش، ضمن تصريح لهسبريس، أن “الهجرة من إفريقيا جنوب الصحراء عبر هذه الطريق عمليا انتهت بالنسبة للدور الأمني الذي يقوم به المغرب، والمهاجرون اليوم يتخذون من الجنوب طريقا، إذ يأتون خصيصا من السينغال وموريتانيا مرورا إلى جزر الخالدات”.

وتابع بأن “المهاجرين عبر هذه الطريق كانوا بالآلاف في الأسبوع الأخير، وبالتالي إمكانية استقبالهم أصبحت صعبة جدا”، مشددا على أن “موريتانيا والسنغال عليهما مراقبة حدودهما والحيلولة دون مرور المهاجرين غير الشرعيين”.

من جانبه، قال حسن بلوان، أستاذ باحث في العلاقات الدولية: “تحولت جزر الكناري الإسبانية مؤخرا إلى ما يشبه جزيرة لامبيدوزا الايطالية بتدفق حركات الهجرة الإفريقية خلال السنتين الأخيرتين”.

ويرجع ذلك، بحسب بلوان في تصريحه لهسبريس، إلى سببين؛ الأول هو “تشديد الخناق على الهجرة في حوض البحر الأبيض المتوسط الغربي بعد تحسن العلاقات المغربية الإسبانية”، والثاني هو “تفاقم الأوضاع السياسية والاجتماعية في منطقة الساحل والصحراء، وبذلك أصبحت موريتانيا والسينغال منطلقا أساسيا لقوارب الهجرة غير الشرعية نحو أوروبا عبر جزر الكناري”.

وتابع الباحث في العلاقات الدولية قائلا: “رغم استنجاد الحكومة المحلية في لاس بالماس بالحكومة المركزية في مدريد، إلا أن أعداد المهاجرين الأفارقة تضاعفت بشكل غير مسبوق، خاصة بالنسبة لفئات القصر غير المصحوبين، مما يفاقم الأزمة داخل الأرخبيل الإسباني ذي الإمكانيات المحدودة في محاربة ظاهرة الهجرة”.

وأشار بلوان إلى أنه “للتخفيف من حدة الأزمة، زار وزير الداخلية الإسباني في الحكومة المركزية جزر الكناري وتوجه نحو نواكشوط ودكار لتنسيق الجهود لمحاربة الهجرة غير الشرعية، خاصة بعدما أصبحت كل من موريتانيا والسنغال منطلقا أساسيا لها بعد تضييق المغرب الخناق عليها على طول سواحله المتوسطية والأطلسية، خاصة في الأقاليم الجنوبية”.

وأضاف قائلا: “أعتقد أن أي مقاربة لمحاربة ظاهرة الهجرة السرية لا ينخرط فيها المغرب تبقى غير ذات جدوى، خاصة مع استحضار المقاربة الشمولية المغربية في معالجة هذه المعضلة، وبالتالي لا بد من تنسيق الجهود الرباعية بين المغرب وإسبانيا وموريتانيا والسينغال للوصول إلى تفاهمات تخفف من حدة الظاهرة وتحفظ حقوق ومصالح المغرب الاستراتيجية فيما يتعلق بالسيادة على أقاليمه الجنوبية”.

ونبه الباحث ذاته إلى أنه “يمكن للمغرب أن يلعب دورا كبيرا في التقليل من حدة الهجرة غير الشرعية نحو جزر الكناري كما نجح في الحد منها نحو إسبانيا عبر البحر الأبيض المتوسط، لكن وفق تفاهمات جديدة تحفظ حدود المملكة البحرية الدولية في الجنوب المقابلة لجزر الكناري، مع الأخذ بعين الاعتبار عدم تحول الهجرة في المحيط إلى عبء آخر يثقل كاهل السلطات المغربية التي انخرطت منذ مدة في عمليات إنقاذ المهاجرين غير الشرعيين المتجهين نحو جزر الخالدات”.
 

هسبرس المغربية

اثنين, 06/11/2023 - 09:20