دولة القانون.. في مواجهة الخطاب التفريقي 

اعتقد جازما ان الموريتاني بطبعه سلمي يدعو للسلمية أينما حل و رتحل و تاريخنا الناصع شاهد على ذلك فكل مكونات الوطنية ظلت في انسجام تام قبل الاستعمار و بعده ، و رغم سعي هذا المستعمر  إلى زرع التفرقة و الحقد بين مكونات شعبنا الأبي  تنبه الجميع  للمخطط الاستعماري المدمر يومها  ، فخاب مسعاه لأنه ببساطة كانت لدينا  نخبة وطنية تعي حجم التحديات و المسؤوليات الملقات على عتقها و خبث المخطط التدميري الاستعماري  من ما جعلها صمام أمان البلد ، و الحقيقة المطلقة التي تعرفها هذه النخب يقينا أن  لا أرض و لا وطن و لا شعب سيشكل حاضنة لها لممارسة طقوسها السياسية إذا انحرف البلد الى ما لا تحمد عقباه لا قدر الله ،  و الطقوس السياسة مرفوضة رفضا باتا عند تلك النخب إذا لم توافق ديننا الحنيف و الواجب التخلي عنها و من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ، و لأن الفتنة دعوة شيطانية يقف خلفها  الشيطان و دعاة مذهبه لم تكن يوما مطروحة على طاويلة نقاش قادة الرأي لا هي و لا حمل السلاح يومئذ ، نعم تشكلت حركات و مبادرات شبابية دعت للحقوق و طالبت بتوفير الخدمات و محاربة الفقر و التشغيل و تقريب الادارة من المواطن ،  و بتعدت كل البعد عن الفتنة و ما يسببها  و كان الجميع تجتمع فيه صفات المواطنة و مناصرا  للمظلمومين في ربوع الوطن ،  و تاريخ الحركات الطلابية و العمالية حافل  بتلك النضالات السلمية الجامعة و المتمسكة بوحدة الوطن الواحد  و عدم ادخاله في حرب أهلية الخاسر فيها الجميع. 

يعد الجوار  الإقلمي خير شاهد على انهيار دول و تجمعات باتت تحلم بالعودة لجو الاستقرار و الأمن و السكينة و  مسايرة التنمية ،  لكن الوقت قد فات و ذلك ما حصدته أيدي الخونة و من ساعدهم فدخلت بلدانهم  في حلقة مفرقة من التشرد و فراق في السلطة فضاعت أوطانهم  ،  في عالم لا مكان فيه للضعفاء  كل غايته  الحصول على الموارد الأولية  التي تسيل لعاب الشركات العابرة للحدود و عصابات جني المال الباحثة عن أي ثقرة أمنية ، لتوطئة مرتزقتها هنا أو هناك و من المعروف ان تحديد طبيعة المهمة أو الاستمرار فيها أو التخلي عنها  كل ذلك يعود إلى  المورد الطبعي ، هل يفي بالغرض  يغطي تكاليف المرتزقة و جيوب صماصرة الوطن و القدرة على التحكم في خيوط اللعبة ، و لأن الصماصرة يلعبون على عجز القوى الاستعمارية تاريخيا في زرع الفتنة و التدمير  و لسان حالهم يقول انهم قادرون على انجاح الاجندات الخارجية و بلوغ اطماع  الاجنبي في مقدرات البلد ، بل يفتخرون بذلك لجعلهم    الذراع التخريبة و التوسعية في البلد ، ذلك مسعى  و مخطط جديد ينصهر فيه أعداء الوطن بتمويل خاريجي متعدد  و تنفيذي داخلي متخفي  مما يتطلب  اليقظة و الجاهزية .

إن المشروع التخريبي يبدأ بخلط الاوراق و ارتفاع حناجر المرتزقة  بالسوء كما تسيل ألسنتهم بالسم و الحقد الدفين و  نشر  الطرح الانفصالي ،  من منطلق حقوقي و استراد كل القاموس الانفصالي و جعله متدوالا بين الجميع و  احتقار مؤسسات الدولة  ، لتشتيت الجهود و ركوب قضية المهاجرين  و كلها ظواهر جديدة وافدة على مجتمعنا المسالم  بأطيافه التي يجمعها اكثر من ما يفرقها ، فوحدة الدين و العقيدة و التاريخ و المصير المشترك تجعل ادعياء اللونية خارج المألوف و يسبحون عكس التيار ،  لينشط هؤلاء  تزامنا مع الهجرة السرية التي دق نقوسها العالم بأسره و الجوار الإقلمي قبلنا  و هو ما يخفيه اللاوطنيون الذين  عاشوا و نهلوا من خيرات هذا الوطن  الغالي الذي يفترض  بهم الدفاع عنه بالغالي و النفيس ، كما يفعل النشطاء في البلدان الأخرى الغريب انتشار ظاهرة الخطاب العنصري الفئوي  و تصاعده بوتيرة خطيرة و التلويح بالخروج عن الجماعة و العصيان و نشر التفاهات المعادية لمفهوم الدولة و تهديد السكينة العامة و هي أمور خطيرة  ، تجعل من أصحابها مستعدين للعمل مع أجندات خارجية لزعزعة الوطن متناسين يقظة الدولة و أجهزتنا الامنية التي ستضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه المساس بأمن الوطن و المواطن .

إن خطورة اللحظة تقضي من كل مواطن شريف و كل المجتمع المدني و المدونيين  الاخيار و الشرفاء و الأحرار  الوقوف وقفة رجل واحد في وجه الخطاب العنصري الفئوي الهدام  ، الذي يفسد و يستغل ملف  الهجرة السرية الآن لإرباك المشهد الداخلي و التشكيك في مساره الطويل الذي يحتاج الى تظافر جهود الجميع في هكذا ظرف إقلمي و دولي متأزم اصلا  ، و الحنكة كل الحنكة ان يقوم الكل بدوره في مسألة الهجرة السرية و يستشعر الخطر القادم إقتصاديا و ديمغرافيا و أمنيا  ، إن دور المجتمع المدني التوعوي  يجعله على المحك إما ان يحمل الرسالة في توجيه و تحسيس  الرأي العام ، او يترك الباب مفتوح على مصراعيه  أمام الخطاب  الفئوي العنصري  و يفشل في أول مهمة له تؤكد مدى قدرته على قطع  الطريق أمام الصماصرة و أعوانهم في زرع الفتنة ، مشكلا حاجزا  يجمع  المجتمع المدني بمختلف جمعياته و هيئاته في جدار الوحدة الوطنية حفاظا على الوطن الذي يسع الجميع .

إن بلادنا و اعتمادا على مخزونها  في مجال حقوق الإنسان  و بشهادات دولية  يجعلها دولة قانون و قادرة بكل فخر  على  اصدار ترسنة قانونية  لمواجهة الظواهر الجديدة و تطبيق القانون ، فلا عذر لأحد في جهل القانون  و الادارة ملزمة بتطبيق القانون و اخضاع الجميع مواطنا كان أو اجنبيا له ، و الحمدلله تمتلك البلاد  جهازا أمنيا قادرا  على رفع التحدي و استباق الأحداث ، و الجاحد من ينكر ذلك و ليست  الانتخابات المنصرمة بعيدة شهد بذلك القاصي قبل الداني ، هنا اشيد بكل من ساهم من قريب أو بعيد في استتباب الأمن و كل الشكر لقواتنا الأمنية الباسلة المرابطة و الساهرة لينام المواطن و تزدهر البلاد ،  كل هذا بفضل الله أولا و رجال الوطن رجال لا يهابون المخاطر هم دروع الوطن القوية التي بها يحتمي  ، شرفهم صاحب الفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني  بحمل المشعل فهم رجال المهمات الصعبة  على رأسهم  وزير الداخلية و اللامركزية معالي الوزير السيد محمد أحمد ولد محمد الأمين .

خلاصة القول ان الجميع مطالب برصي الصفوف في مواجهة الخطاب العنصري بكل اشكاله و شجبه و إدانته و دعم جهود الدولة في ذلك و التصدي له و لا يقل خطورة ملف الهجرة السرية فتجنيس الأجانب أو التستر عليهم لا يقل خطورة عن سابقه ، إن  العمل الحكومي في هكذا مجال الذي يقوده معالي وزير الداخلية و اللامركزية  تأييده و تشجيعه غاية في الاهمية لنخطو فهذا  المنوال خطوات الإجماع الوطني لتذوب الفوارق و الحساسيات لنحقق الهدف المشترك لا عنصرية و لا عنصريين نعم لتصحيح وضعية الأجانب و تحديد نسبة تواجدهم ، إن موقع موريتانيا الفريد كهمزة وصل بين العالمين العربي و الافريقي يجعلها وجهة لإخوتنا العرب و الأفارقة لتحقيق الحلم الأروبي أو الاستقرار معتمدين في ذلك على  روابط قديمة بين مكونات شعبنا و جوارها لبلوغ الهدف على الجميع الحذر فموريتانيا للموريتانيين فقط و الوطن فوق الجميع .
      

الإعلامي حمود بكار

سبت, 03/05/2025 - 08:43