رسائل التعديل الوزاري

تفاجأت الساحة السياسية بتعديل وزاري اقتصر على القطاعات الوزارية الخدمية، وهي سابقة في البلد. ومع أن هذه الخطوة لم يتنبأ بها في التكهنات التي تسبق التعديلات الوزارية عادة، كحالة كان يستأنس بها ويؤثر من خلالها أحيانا على الأنظمة السابقة في بعض الاختيارات، فقد بدا أن تلك الطريقة غير ناحجة مع أسلوب هذا النظام الجديد الذي يتميز بالكثير من الكتمان والحكمة في اتخاذ قراراته الكبرى.

لقد حمل هذا التعديل الوزاري رسائل سياسية بالغة الأهمية، ومن أهم تلك الرسائل النقاط التالية:

 

* التعديل بعد التقييم 
جاء هذا التعديل بعد زيارات ميدانية قام بها الوزير الأول المهندس محمد ولد بلال للقطاعات الوزارية بهدف الإطلاع عن قرب على طريقة سير العمل الإداري في المرافق العمومية وتوجيه رسائل هذا النظام الجديد حول ضرورة العمل بجد وإخلاص لخدمة المواطن بتقريب الإدارة منه وفق مقاربة تتسم بالمرونة اللازمة والشفافية التامة، والتأكيد كذلك على التزام الحكومة بتوفير كل الوسائل المالية والبشرية الضرورية للنهوض بالعمل الإداري لخلق تنمية شاملة.

 

* التعديل ليس من أجل التعديل

حمل اقتصار التعديل الوزاري على القطاعات الخدمية إشارة جديدة حول اهتمام هذا النظام بمطالب المواطنين ومتابعته لتطلعاتهم، وهي إشارة ينبغي أن يعيها الوزراء الجدد لاستحقاق الثقة الممنوحة لهم من فخامة رئيس الجمهورية والوزير الأول، فيعملوا بجد على تنشيط الإدارة في قطاعاتهم وحث الكادر البشري فيها على الانضباط المهني وتحمل المسؤولية الإدارية اتجاه الوطن والمواطن.
كما أوحى التعديل ضمنيا بالرضى عن القطاعات الوزارية السيادية باعتبارها في أيادي أمينة بناء على تقارير الزيارات الميدانية التي نظمها الوزير الأول حول عملها على أرض الواقع من أجل المصالح العليا للبلد.

 

* التفكيك وإعادة الترتيب 

من الأمور التي تستحق التوقف في هذا التعديل هو تفكيكه لبعض القطاعات كحالة التنمية الريفية (الزراعة والبيطرة) ونقل بعض الصلاحيات من قطاعات لأخرى كدمج التكوين مع التشغيل بعد نقل الشباب والرياضة إلى قطاع الثقافة، وإنشاء وزارة جديدة للتحول الرقمي والابتكار وعصرنة الإدارة. ولاشك أن هذه الترتيبات التي جاءت بعد دراسة مركزة حول معوقات العمل الإداري ستكون لها تأثيرات إيجابية على الخدمات المقدمة، خصوصا أن الرؤية السياسية الجديدة لهذا النظام تركز على منح الصلاحيات التامة لكل قطاع مع احتفاظه بأسلوب صارم في المتابعة والتقييم.

وفي الختام وكملاحظة أعتقد شخصيا أنه ينبغي العمل مستقبلا على فصل مهمة النطق باسم الحكومة عن أي قطاع خدمي وتكليف وزير منتدب لدى الوزير الأول ناطقا باسم الحكومة بهذه المهمة التي تستحق الكثير من التركيز لتقديم توجهات الحكومة ومواقفها في صورة مقنعة خصوصا في ظل التشويش والتشويه الإعلامي الدائم بفعل تعدد وسائل التواصل الاجتماعي.

أحمدو ولد أبيه ناشط سياسي

أحد, 30/05/2021 - 16:36