تعزية ومطالبة بالقصاص

علمنا ببالغ الأسى والحزن بوفاة الأستاذ الأديب سليل أسرة العلم والدين محمد سالم بن أتاه بن ألما الذي أغتالته أيدي الغدر الآثمة.

 

وبهذه المناسبة الأليمة فإننا نرفع تعازينا القلبية إلى أسرة الفقيد ومحبيه راجين من الله العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته ويدخله فسيح جناته وينيله أجر الشهداء ويلحقه بالذين أنعم عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، وأن يلهم ذويه الصبر والسلوان وأن يخلفهم فيه بخير وأن يبارك في ذريته وذويه إنه ولي ذلك والقادر عليه.

 

ولا يفوتنا في هذا المقام أن ننوه إلى خطورة الوضع الذي تعيشه البلاد عموما وكبريات مدنها خصوصا، مثل العاصمة نواكشوط ونواذيبو، من انفلات أمني خطير يتجلى في عصابات النهب والسلب والاغتيال والاغتصاب بشكل لم يسبق له مثيل، مع انتشار المسكرات والمخدرات بين فئات الشباب، الأمر الذي ينذر بخطر محدق لا يدري أحد ما سيصل إليه إن لم تبادر السلطات الحاكمة بإتخاذ إجراءات وتدابير رادعة بشأنه، فقد بلغ السيل الزبى وانعدم الأمن حتى أصبح كل إنسان غير آمن على نفسه، ولا ماله أوعرضه، وإن ذهب إلى المسجد لأداء الفريضة أو إلى السوق أو إلى عمله، أو إلى حاجة أخرى من حوائجه أو أي أرب من مآربه فإنه قد لا يعود إلى بيته، وأصبحت الأسر تخشى إذا ذهب معيلها إلى بقالة مجاورة أو غيرها أن لا يعود إليها حيا، وإذا لم تستأصل شأفتهم بعقوبات رادعة فإنه يخشى أن تتجه البلاد إلى فوضى عارمة تأتي على الأخضر واليابس لا قدر الله.

 

ونحن إذ ندق ناقوس الخطر من انتشار هذه الجرائم في بلدنا وفي عاصمتنا التي كانت معروفة بالأمن والأمان، لا يفوتنا أن نشكر وننوه بالعمل الذي قامت به السلطات الأمنية بتوجيهات من الرئيس محمد بن الشيخ الغزواني والمتمثل في القبض على المجرمين القتلة بالسرعة المطلوبة والتحقيق معهم بغية إحالتهم إلى العدالة.

 

إلا أن هذه الخطوة لن تؤتي أكلها في ردع المجرمين إلا بتنفيذ حد الحرابة في المحاربين وذلك تطبيقا لقوله تعالى: {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم}.

 

وقد نص العلماء على أنه يتعين القتل والصلب في حق المحاربين إذا قتلوا النفس البريئة وسلبوا الأموال، ولا تسقط عقوبة القتل حدا عنهم بعفو أولياء الدم كما ليس لولي الأمر حق العفو عنهم.

 

وقد علم بالمشاهدة والتجربة أن البلاد التي طبقت عقوبة القتل في مثل هذا النوع من الجرائم ونفذت حكم القصاص على القتلة نعمت بالأمن والأمان وأضحت شوارعها وبيوتها آمنة وأمن الناس فيها على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم.

 

أما عقوبة السجن فلا تردع مثل هؤلاء المجرمين، ولا يردعهم إلا تطبيق حدود الله في حقهم، ونحن والحمد لله جمهورية إسلامية ودستورنا ينص على أن الشريعة الإسلامية هي مصدر تشريعنا.

 

وقانون عقوباتنا نص على القصاص وعلى الحدود ومنها حد الحرابة وما علينا إلا تطبيقه لننعم بالأمن والأمان، والسكينة والاستقرار.

 

أما مجرد وجود القوانين المجرمة والمعاقبة على هذه الجرائم وحتى صدور الأحكام بالحد أو القصاص إذا لم تنفذ فإنها لا تردع مجرما ولا توفر أمنا ولا أمانا ، وفي ذلك يقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له) وقال أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه ( يزع الله بالسلطان ما لا يزع بالقرآن) وقالوا ( السلطان ظل الله في الأرض)، وفي ذلك يقول أمير المؤمين عمر بن الخطاب رضي الله عنه (والله لو عثرت بغلة ببغداد لرأيت أنني مسؤول عنها لِمَ لَمْ أوفر لها الطريق السابلة).

 

وأهم ما يحتاجه الناس هو الأمن على دينهم وأنفسهم وعقولهم وأموالهم واعراضهم وكأننا بمن يقول أن القتل مناف لحقوق الإنسان، وهذه مقولة ساقطة، فكيف يكون دم البريء هينا ودم المجرم غاليا ، وأحكم الحاكمين يقول في قتل النفس التي حرم الله: {أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا}، فقد جعل تعالى قتل نفس واحدة مثل قتل الناس أجمعين، لأن الأنفس البشرية متماثلة في مثل هذا إذا لم ترتكب جرما يوجب القتل، فقتل نفس واحدة منها يساوي قتل الأنفس كلها لأن حكم النظير حكم نظيره.

 

كما عظم الله قتل النفس البريئة عمدا فقال جل من قائل: { ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما}، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم ( لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم).

 

وقد بين الله في كتابه الحكمة من القصاص فقال جل من قائل: {ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون}، فالقصاص حياة للناس لما يدرأ عنهم من القتل، فهو حماية لأرواح الناس من الأيدي الآثمة، لأن من علم أنه إن قتل سيقتل لا يتجرأ على القتل.

 

نسأل الله أن يمن على بلادنا بدوام نعمة الأمن والأمان وأن يعين القائمين على ذلك باليقظة والتوفيق إنه ولي ذلك والقادر عليه.

 

الدكتور عثمان ولد الشيخ أحمد أبي المعالي

 

رئيس حزب الفضيلة

خميس, 10/06/2021 - 18:57