معا ضد كورونا

"إننا نمر في هذه الأيام بفترة حساسة جدا وحاسمة جدا، فإما أن نتمكن من التصدي للفيروس ونمنع من انتشاره، فنسلم بذلك من الخطر، وإما أن نتراخى ونتهاون في التصدي له، الشيء الذي قد يؤدي لا قدر الله إلى تفشي هذا الفيروس في بلادنا. ومن المعروف بأن هذا الفيروس قد وضع بلدانا قوية ذات إمكانيات هائلة في حالة شلل تام وعجز كبير، فكيف سيكون الحال بالنسبة لبلد كبلدنا: موارده محدودة جدا، وبنيته الصحية ضعيفة جدا، وعقلية مواطنيه معيقة تماما؟"

كانت هذه فقرة من مقال نشرته يوم 19 مارس 2020 ضمن سلسة من المقالات كنتُ قد نشرتها تحت نفس العنوان، وكنا في تلك الفترة قد أطلقنا ـ ونحن مجموعة من سبع منظمات نشطة ـ حملة للتوعية ضد كورونا، تحت العنوان نفسه، وكانت تلك هي أول حملة تنظم أنشطة ميدانية في البلد للتوعية ضد كورونا.

اليوم نمر بفترة لا تقل خطورة عن بداية ظهور الفيروس ببلادنا، إن لم تكن أخطر، وذلك بعد أن سُجلت عدة حالات من النسخة المتحورة (دلتا)، والتي تعتبر حتى الآن هي النسخة الأكثر سرعة في الانتشار والأكثر فتكا.

ظهور هذه النسخة المتحورة في بلادنا والخوف من موجة ثالثة جعل الحكومة تطلق يوما وطنيا تحسيسيا سيكون بداية لحملة تحسيسية متواصلة ضد الفيروس تحت شعار "معا ضد كورونا"، وكمساهمة مني في هذا الجهد التحسيسي، فهذه بعض الملاحظات التي قد يساعد الأخذ بها عدم تكرار نفس الأخطاء التي كنا قد عرفناها خلال الحملات التحسيسية السابقة.

1 ـ إن التوعية والتحسيس ليست من مهام الحكومات، وإنما هي من مهام المجتمع المدني بمفهومه الواسع (أحزاب سياسية؛ منظمات مجتمع مدني؛ نقابات عمالية، اتحادات طلابية؛ شخصيات مؤثرة في المجتمع كالعلماء والمشاهير في مجالات الثقافة والفن والرياضة ..إلخ).

2 ـ على الحكومة في حملتها التحسيسية هذه أن تتعامل مع منظمات المجتمع المدني النشطة والموجودة على أرض الواقع، فكثيرا ما كان يتم التعامل مع منظمات ورقية لا وجود لها على أرض الواقع، وذلك في وقت يتم فيه إقصاء المنظمات النشطة ميدانية. الشيء الذي يؤدي في المحصلة النهائية إلى فشل الحملة التحسيسية. لدي أمثلة كثيرة يمكن تقديمها في هذا المقام.

3ـ على الناشطين الجمعويين أن يعلموا بأن حملات التوعية والتحسيس ليست مناسبة لجمع المال، وإنما هي أنشطة تطوعية أو هكذا يفترض أن تكون، ولذا فيجب أن لا ينظر إليها من طرف القائمين عليها أو المشاركين فيها على أنها مصدر من مصادر تحصيل الأموال...صحيح أن أي حملة توعوية تحتاج إلى مال ينفق وإلى وسائل وتجهيزات لتوصيل رسائلها التوعوية إلى أوسع جمهور، ولذا فلا مشكلة في أخذ مال أو تجهيزات من جهات حكومية أو من مؤسسات عمومية أو خصوصية، وحتى من خواص إذا كان من شأنها أن تساهم في إنجاح العمل التطوعي، ولكن هناك فرق كبير بين من نزل إلى الميدان وهو يشعر بأن الواجب الديني والوطني يفرض عليه أن يشارك في التوعية ضد كورونا، ومن نزل إليه سعيا لجمع المال.

4 ـ علينا في هذه الحملة التحسيسية أن نبتعد جميعا وبشكل كامل عن الأنشطة الفولكلورية التي تثير السخرية، ومن تلك الأنشطة يمكن أن نذكر عمليات توزيع "لمغاسل" على عدد من المواطنين.

5 ـ يبقى دور الإعلام هو الأهم في أي حملة تحسيسية، وخاصة منه الإعلام الجديد، ولذا فيجب التركيز عليه، ولقد أحسن  وزير الثقافة، الناطق باسم الحكومة، عندما وجه نداء إلى كل المنتسبين للإعلام العمومي والخصوصي بضرورة المشاركة في هذه الحملة.

6 ـ إن الخطاب التحسيسي والتوعوي يجب أن يركز في هذه الفترة على التطعيم، خاصة وأن هناك نقصا كبيرا لدى المواطنين في المعلومات المتعلقة باللقاح، كما أن هناك شائعات ومعلومات كاذبة يتم تداولها بشكل واسع، وإن لم تتم مواجهتها بالمعلومات الصحيحة فسيبقى عزوف المواطنين عن التلقيح قائما.

حفظ الله موريتانيا..

محمد الأمين ولد الفاضل

elvadel@gmail.com

اثنين, 19/07/2021 - 17:02