مذكرات العقيد "كادير" (3)

باشر المقدم فياه (ولد المعيوف) فور تعيينه، إعادة تنظيم التجمع رقم 1 الخاضع لإمرته (G1)، حيث تمكن من تشكيل قوة مكونة من:

  6 سرايا مقاتلة؛

  سرية قيادة وخدمات؛

  منصتان للمدفعية 105؛

  فرقة مدافع هاون ثقيلة (4).

وتم وضع خطة لتنسيق العمل بين قواتنا (G1) والقوات المغربية، بهدف احتلال العركَوب والداخله، وحدد الموعد في الداخله يوم 08 يناير 1976، عند الساعة 12 زوالا.. لكن- للأسف- لم يستطع تجمعنا أن يكون في الموعد، حيث لم يسيطر على العركَوب إلا يوم 10 يناير 1976، بعد أن خسر سيارتين (02) من نوع "لاند روفر" و 2 أو 3 من أفراده، في كمين..

في يوم 12 يناير 1976، دخلت قواتنا مدينة الداخله مع بعض الصعوبات.. فقد أوقفت وحداتنا عند مدخل المدينة من قبل "أصدقائنا" المغاربة، الذين لم يسمحوا لها بدخولها إلا بعد 48 ساعة!ّ ولم يفوت قائد التجمع رقم 1 (فياه) تلك المناسبة للتعبير عن استيائه.

الجدير بالذكر- هنا- أن قضية الداخله، بشكل عام، ظلت غامضة.. فالمغرب أظهر في البداية موقفا مخيبا حين طلبت الحكومة – على لسان وزير الدفاع- مدها ببعض التجهيزات (طائرات، سفن) قصد احتلال الداخله، لكن المملكة ردت – ضمن حجج أخرى لحملنا على الشك في نجاعة العملية التي نخطط لها، والقبول بخطة تطبخها هي- بأن مثل هذه العملية ستكون انتحارا، وأن ذلك يمنح البوليساريو نصرا غاية في السهولة.. 

وأضاف الملك أنه في هذه المرحلة الأولى من الإدارة الثلاثية، ينبغي على القيادات العسكرية الثلاث القيام بعمليات منسقة كلما دعت الضرورة، وأن هذا التنسيق يجب أن يبدأ من الداخله.

قال الملك بالحرف: "إن هذا الميناء يثير اهتمامي كثيرا، وقد حدثت الرئيس المختار ولد داداه بشأنه". وخلال نفس اللقاء أخبرنا الملك "كصديق" أن الجزائر أبلغته أنها ستجعل موريتانيا تدفع ثمن هذه الحرب.

اجتمعت قيادتا الأركان التكتيكية للبلدين في نواكشوط واعتمدتا خطة للعمل، وتم تبني موعد 18 يناير 1976.

غير أن أمورا، جديرة بالانتباه إليها، حدثت.. فللمرة الأولى أعلن المغرب – عبر الإذاعة والصحف- عن تحرك الوحدات المغربية باتجاه الداخله، كما منح تغطية إعلامية واسعة لاحتلال قواته لهذه المدينة.

أما داخل المدينة، فقد وزعت الأعلام المغربية على السكان، الذين جابوا بها الشوارع وهم يهتفون: "عاش الملك".. وحين سمح لجنودنا بالدخول، خصص لهم السكان استقبالا مغايرا تماما للذي خصصوه للجنود المغاربة.

وقد ظل الوضع في الميدان غامضا إلى غاية هذا اليوم، 18 يناير 1976: المغاربة ما يزالون في الداخله التي يفترض أنها مدينة موريتانية.. المغاربة يسيطرون على الميناء والمطار، ويحتلون أكبر ثكنة عسكرية في المدينة... إنهم – في الواقع- أسياد هنا!!

لم يتمكن المختصون الذين أرسلناهم من أجل تجهيز المطار ماديا وبشريا، من القيام بأي شيء، إذ منعتهم القوات المغربية، التي تنطلق من مبدأ أنها احتلت الداخله تنفيذا لأوامر، ولن تخرج منها إلا بأوامر.

أظهر بعض المسؤولين العسكريين المغاربة مواقف لا يمكن إلا أن تثير بعض التساؤلات.. إذ كيف نجد – مثلا- تفسيرا لمحاولة سحب منصات المدفعية من التجمع رقم 1 (G1)؟

يتواصل...

اثنين, 19/08/2019 - 21:08